الجهة و التنمية
تواجه سوسيولوجيا الجهة تحديا يتمثل في ضرورة رفع المفارقة المتمثلة في أن الجهة تمثل سوسيولوجيا مجالا خصوصيا بينما التنمية التي تعتبر أولوية في التدبير الجهوي تمثل آلية عمومية بل أكثر من دالك ألية عالمية تحددها علوم التاريخ و الأنثروبولوجيا و العلوم السياسية و العلاقات الدولية لذلك على سوسيولوجيا الجهة أن تعيد طرح و إدماج الرؤية التنموية في المجال الجهوي و التساؤل عن الكيفية التي يتم بها نقل الآليات التنموية العامة الى الجهة بوصفها مجالا ترابيا خاصا وفق شروطها و ظروفها وأوضاعها الخاصة .
لا يمكن النظر بأن الجهة هي فضاء مخصوص فقط لتصريف الأشغال الاقتصادية و المهام ذات الطابع الإداري و السياسي و العمومي بل إنها عملية تحول في القيم و الدهنيات و التمثلات و أنماط الثقافة و السلوك و العلاقات الاجتماعية و لذلك فالتنمية في بعدها الجهوي هي سيرورة من البناء و إعادة البناء من التهيئة و إعادة التهيئة على جميع المستويات المادية و الرمزية التي تقتضيها بالخصوص شروط المجتمع المتخلف و تستدعي انصهار العناصر الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية .
و يتطلب التأسيس النظري لسوسيولوجيا الجهة في علاقتها بالتنمية انجاز مهمتين مترابطتين :
المهمة الأولى :
- إدماج البعد التنموي في التحليل الجهوي باعتباره بعدا بانيا لمفهوم أو تصور الجهة و استراتيجية بناءها و يتطلب هذا الادماج للبعد التنموي الأخذ بعين الاعتبار معطيات الفعل الاجتماعي الذي يعبر عن سيرورة التنمية بإعتبارها سيرورة تحويل المعطيات الطبيعية و المادية إلى تمثلات و قيم و رموز ثقافية و ذهنية تترتب عليها علاقة الناس بالتراب و الانتماء و هوية معينة، كما ترتب عليها علاقات اجتماعية و هي عناصر تعكسها بشكل أو بأخر أشكال التلقي و التفاعل و البناء و الانجاز و المشاركة التي تميز علاقة الأفراد و الجماعات بمشاريع التنمية التي ينخرطون فيها، كما أن على السوسيولوجيا تعديل اتجاه الرؤية السوسيولوجيا العامة حتى تتوافق مع شروط و أوضاع الجماعة الاجتماعية في بيئتها داخل الجهة بشكل يميزها عن باقي الجهات الأخرى.
المهمة الثانية:
و هي إنجاز تصور لإستراتيجية لبناء الجهة وفق المعطيات السوسيولوجية أي وفق علاقة الجهة بأبعادها الاجتماعية و الثقافية و التنموية و التي تساعد صناع القرار السياسي على إعداد تصور ملائم لتراب الجهات و على تقطيع للتراب على مجموعات أو وحدات تقطيعا يراعي متطلبات خلق و بناء جهة متجانسة و متكاملة بين عناصرها الاقتصادية و الإدارية والسياسية... مع عناصرها التنموية و الاجتماعية و الثقافية كما تتكامل مع الجهات الأخرى المشكلة للتراب العام.
0 التعليقات :
إرسال تعليق