الجمعة، 5 أبريل 2019

مادة الفصل الثاني : نظريات السوسيولوجية المعاصرة

مادة الفصل الثاني : نظريات السوسيولوجية المعاصرة لنظرية او التنظير ضرورة ملحة لكل باحث سوسيولوجي فادا اردنا الوصول الى خلاصات عامة تتجاوز ما هو متعارف عليه فلا يمكن تحقيق دللك بالاعتماد فقط على الجانب التجريبي والامبريقي دون ضبط الجانب النظري بصفة عامة يمكن القول ان النظرية هي كل محاولة فكرية لتفسير جانب من الحياة الج فالنظرية السوسيولوجيا في هدا الجانب تعتبر امتدادا لما يسمى بالفكر الج لدى المفكرين والفلاسفة القدماء فما يميز النظرية السوسيولوجي عن المفاهيم العامة هو انها توفر لنا اطارا لتفسير الظواهر الاجتماعية اصناف الوظيفية يمك التميز داخل النظرية الوظيفية بين 3 اصناف هي الوظيفية المطلقة الوظيفية النسبية والوظيفيية البنيوية الوظيفية المطلقة يمتل هدا الصنف من الوظيفية السوسيولوجية الانجليزي مالينوفسكي برابيس لابارالدي يعتبر ابا للوظيفية النظرية في السيولوجيا والانتروبولوجيافقد اعتمد التحليل الوظيفي كرد فعل على النظرية التطورية حيت اعتبرها غير علمية ولا موضوعية لانها تعزل العادات والتقاليد عن واقعها الج .فما هي عناصر التحليل الوظيفي عند مالينوفسكي تشكل وظيفية مالينوفسكي اول محاولة لبناءمنهجية علمية تعتمد على الملاحظة وتحليل المجتمعات التقليدية من اجل الاقلاع على الحقيقة المعاشة وكدا تفسير الظواهر الج بطريقة عقلانية فهو اول من اعتمد البحت الميداني لدراسة ثقافة الششعوب البدائية باعتماد ثقنية الملاحظة بالمشاركة والتي تعني ان يخرج الباحث الى عين المكان ويشارك حياة المجتمع الدي يدرسه بحيث اقتنع ان كل مجتمع يتميز عن الاخر بثقافة الخاصة والمتميز وان كل ثقافة تشكل كلا منسجما وما يشكل هده الخصوصية هو ما يربط بين عناصرها من علاقات كما يفسر كل عنصر ثقافي بانتماءه الى نسق شمولي اي بالرجوع الى الواقع الاج والثقافي المدروسة كما يعتبر المجتمع ككل منظم ومندمج ومكون من عناصر مختلفة ومتعددة ولتوضيح منهجه الوظيفي طور مالينوفسكي مفهوم الثقافة لاعتبارها اساسا لتفسير الوجود الج لانها تلبي حاجيات الانسان وتساعده على التكيف مع محيطه المباشر الوظيفية النسبية هدا الصنف التاني من الوظيفية الدي يمتله السوسيولوجي الامريكي روبير نيرتون جاء كرد فعل على الوظيفية المطلقة وكتقيد لها بحيت انتقد ميرتون المبادئ التلاثة للوظيفية المطلقة عند مالينوفسكي وهي كمبدا للوحدة الوظيفية للمجتمع التي يرى ان كل العقائد والممارسات التقافية تؤدي وظيفة واحدة لكل من الافراد والمجتمع كما يعتقد ان اجزاء النسق الاجتماعي تتمتع بدرجة عالية من الاندماج وهو عكس ما يراه ميرتون الدي يرى ان كل مجتمع يتوفر على درجة معينة من الاندماج فالمجتمعات المعقدة مثلا لا تصل الى هدا النوع الا كل من الاندماج الدي تجده عند المجتمعات التقليدية الصغيرة لدا لاينبغي تعميم هده المسامة كما يقول كدلك ميرتون بان التماسك الاج يمكن ان يحدت في فترات دون اخرى وفي بعض المجتمعات دون اخرى مبداالكونية الوظيفية هدا الصنف التاني من الوظيفية الدي يمتله السوسيولوجي الامريكي روبير نيرتون جاء كرد فعل على الوظيفية المطلقة وكتقيد لها بحيت انتقد ميرتون المبادئ التلاتة للوظيفية المطلقة عند مالينوفسكي وهي مبدا الوجود الوظيفية للمجتمع الدي يرى ان كل العقائد والاممارسسسات الثقافية تؤدي وظيفة واحدة لكل من الافراد و المجتمع كما يعتقد ان اجزاء النسق الجتماعي تتمتع بدرجة عالية من الاندماج وهو عكس ما يراه ميرتون الدي يرى ان كل مجتمع يتوفر على درجة معينة من الاندماج فالامجتمعات المعقدة مثلا لا تصل الى هدا النوع من الاندماج الدي نجده عند المجتمعات التقليدية الصغيرة لدا لاينبغي تعميم هده المسامة كما يقول كدك ميرتون بان التماسك الاج يمكن ان يحدث في فترات دون اخرى وفي بعض الامجتمعات دون اخرى مبدا الظروف الوظيفية بمعنى ان كل عنصر ثقافي او اجتماعي يقوم بوظيفة داخل المجتمع وبالتالي فهو ضروري لكلمجتمع ككل وهو ما يرفضه ميرتون لكون هدا التصور جد مطلق عناصر التحليل الوظيييييفي مند ميرتون انطلاقا من هدا النقد الموجه للوظيفية المطلقة يقترح ميرتون 4 مفاهيم جديدة تسعى الى جعل الوظيفية نسبية واكثر اجرائية وهده المفاهيم هي التماثل الوظيفي وتعني ان نفس الرغبة الاجتماعية يمكن تلبيسها بعناصر ثقافية مختلفة واحيانا يعوض بعضها البعض وهدا المفهوم اقترحه ميرتون لتعويض مبدا الظرورة الوظيفية عند مالينوفسكي حيت يقول بما ان عنصر واحد يمكن ان يؤدي عدة وظائف فان الوظيفية الواحدة يمكن ان تؤديها عدة عناصر يعوض بعضها البعض وقد اعطانا مثالا على دلك ان المعطيات الدينية او السحر لها وظيفة ادخال الطمانينة في نفوس افراد المجتمع لكن هده الوظيفة قد تقوم بها ظواهر اجتماعية اخرى كالموسيقى مثلا او القران الخلل الوظيفي ادا كانت الوظائف ظاهرة تؤدي الى التكيف وتقويم النظام الاج فان الخلل الوظيفي يؤدي الى اضطراب وعدم تكيف دلك النظام حيث تحدث عن نفس المثال السابق اد تحدث عن الشعائرالدينية تؤثر بشكل سلبي على المجتمع فالاحترام الدي يقدمه الهنود للابقار له نتائج سلبية على الانشطة الاقتصادية اقترح كدلك ميرتون التميز بين الوظائف الظاهرة والوظائف الخفية فالاولى هي ما تهدف التنظيمات الاجتماعية الى تحقيقهبشكل ارادي فوظيفة الجامعة متلا هي الدراسة والتعلم والبحت العلمي اما الوظائف الخفية فهي التي لا تاخد الانظمة الاجتماعية بالحسبان تحقيقها كان تمارس الجامعة مثلا وظائف اقتصادية او اجتماعية كما تحدت ايضا عن الخلل الوظيفي الظاهر والخلل الوظيفي الخفي فالاول هو الدي يكشف علة الاشخاص المنتمين الى المجتمع المدروس نفسهم بانفسهم اما الخفي فهو الدي لا يلاحظه ولا يبحت عنه اعظاء المجتمع وهو الدي على الباحت السوسيولوجي ان يكتشفه عند دراسة هدا المجتمع

تاثير القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل

تاثير القنوات الفضائية فيتكوين شخصية الطفل دراسة سوسيولوجية تطبيقية على عينة من الأطفال 2002 م مقدّمة: نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي السريع الذي اجتاح العالم ، شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين ظهور القنوات الفضائية وانتشارها على نطاق واسع ، ما أدّى إلى تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة تربطها شبكة اتصالات واحدة عبر الأقمار الصناعية ، كما تنامت قوة الإعلام الفضائي ، وزادت المنافسة بين القنوات الفضائية على استقطاب المشاهدين أمام الأجهزة المرئية ، وذلك من خلال ما تبثه من برامج علمية وثقافية وترفيهية وأيديولوجيات متعددة موجهة إلى المشاهدين باختلاف مراحلهم العمرية ، إلاّ أنها بالتأكيد أكثر تأثيراً على الأطفال والمراهقين نتيجةً للاستعداد السيكولوجي والتغيّرات البيولوجية المرافقة لهذه الشريحة السنيّة . وانطلاقاً مما سبق تم في هذه الدراسة اختبار تأثير القنوات الفضائية في شخصية الطفل من خلال ما يقدمه الإعلام الفضائي الموّجه إلى الطفل بصفة خاصة ، ومدى استفادة الطفل من هذا الزخم الإعلامي في تنمية مداركه الثقافية والسلوكية وفي تفاعله مع البيئة المحيطة به ،كما تحاول الدراسة التعرف على الآثار الإيجابية والسلبية التي قد تخلّفها المادة الإعلامية من خلال ما تبثه القنوات الفضائية على تكوين شخصية الطفل . تحديد موضوع الدراسة : إن استخدام الأقمار الصناعية في المجال الإعلامي وبث القنوات الفضائية ، أحدث تغيرات جوهرية في دور الإعلام جعلت منه محوراً أساسياً في منظومة المجتمع ، فهو اليوم محوراً لثقافة الكبار ورافداً مهماً لتنشئة الصغار ، حيث تستهدف القنوات الفضائية مستقبلي مادّتها في البيوت ، أين توجد القاعدة العريضة من جمهور المشاهدين الذين يستهلكون ويمتصّون ما يُعرض عليهم من الإنتاج الثقافي لتلك القنوات . لقد أصبحت القنوات الفضائية تتجه نحو التخصّص ، لذا فهي لا تتوقف عن زيادة برامجها ومصادر معلوماتها ومنافذ توزيعها ، في الوقت نفسه الذي يتزايد فيه التوجه نحو القنوات الفضائية المتخصصة في الأخبار والإعلام الثقافي والتعليمي والديني . ومع انتشار ” الصحون الفضائية ” في السنوات الأخيرة تحولت هذه الظاهرة إلي ظاهرة اجتماعية عامة مما دفع بالعديد من الباحثين في مجال علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع الإعلامي والتربوي إلي دراستها كظاهرة لها أثارها الاجتماعية والنفسية والثقافية ، وتتبع هذه الآثار في أنماط تفكير وسلوك المشاهدين وفي مقدمتهم الأطفال ، ودراسة طبيعة الدور التربوي والتوجيهي الذي تلعبه القنوات الفضائية في تنشئة الأطفال وما قد تغرسه في شخصية الطفل من قيم وسلوكيات تؤثر في مظهره الخارجي ومستواه الدراسي وتوافقه الاجتماعي . وبذلك يرتكز اهتمام هذه الدراسة حول تحديد أثر القنوات الفضائية بما تقدمه من برامج وثقافات متعددة في شخصية الطفل وثقافته ، وقدراته علي الاستفادة منها في تأسيس مدركاته الثقافية والحياتية ،كما تحاول هذه الدراسة البحث عن الآثار السلبية للقنوات الفضائية علي سلوك وثقافة الطفل . ويمكن أن نحدّد أهم متغيرات الدراسة فيما يلي : المتغير المستقل : (القنوات الفضائية ) من حيث نوعية البرامج التي تقدمها وعدد ساعات البث المرئي … الخ . المتغير التابع : ( شخصية الطفل )حيث نتناولها من بعدين هما : البعد السلوكي ” المتمثل في أنماط السلوك التي يقوم بها الطفل كمظهره الخارجي وعلاقاته بالمحيط الاجتماعي …. الخ “ البعد الثقافي ( المعرفي ) ” المتمثل في الكم المعرفي لدى الطفل مثل مستواه العلمي ، ومدي إلمامه بالمعلومات العامة … الخ ” . المتغير السابق : ( الدور الأسرى في توجيه الطفل ) “المستوي التعليمي للأم والأب ، المراقبة والتوجيه في اختيار البرامج …الخ ” . وتأسيساً علي ما سبق يمكن إجمال الأسئلة البحثية لهذه الدراسة فيما يلي : هل توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين نوعية البرامج التي تقدمها القنوات الفضائية وتأسيس سلوكيات إيجابية أو سلبية لدى الطفل بمجتمع البحث ؟ هل توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين نوعية البرامج التي تقدمها القنوات الفضائية وزيادة الكم المعرفي للأطفال بمجتمع البحث ؟ هل تؤثر القنوات الفضائية في إضعاف دور الأسرة والمدرسة في تكوين شخصية الطفل ؟ هل تؤثر القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل بمجتمع البحث ؟ أهمية الدراسة ومبرراتها : أهمية الدراسة = تكمن أهمية الدراسة في مجالين هما : المجال العلمي : تساهم في إثراء المكتبة الجامعية وإثراء التراث السوسيولوجي في مجال من أهم المجالات الاجتماعية وهو ( دور الإعلام في التنشئة الاجتماعية ) . المجال الاجتماعي : تكمن أهمية الدراسة علي المستوي المجتمعي فيما تقدمه نتائجها النابعة من الواقع من معطيات واقعية تفيد الجهات المختصة والقائمين على المجال التربوي ، والاستفادة منها في معالجة الإشكاليات التي تواجه التربويين والقائمين علي التنشئة الاجتماعية . المبررات : عدم توفر معلومات كافية عن الظاهرة موضوع الدراسة نظراً لقلّة الأبحاث العلمية التي تتناول دور القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل . طبيعة التغيرات التي يشهدها المجتمع الليبي في الآونة الأخيرة بصفة عامة بين الأصالة والمحافظة من جهة والتغريب والتقليد من جهة أخري . أهداف الدراسة : ـ الكشف عن الخصائص التربوية والتوجيهية للقنوات الفضائية كوسيلة تربوية ودورها في تنشئة الأطفال . تحديد أثر تلك الوسائل في تشكيل شخصية الطفل . التعرّف على التأثيرات الإيجابية والسلبية للقنوات الفضائية علي سلوك وثقافة الطفل . معرفة دور الأسرة في توجيه الطفل لاختيار البرامج التي يشاهدها. التعرّف علي الأوقات التي يقضيها الطفل في مشاهدة برامج القنوات الفضائية. تفيد المقترحات والتوجيهات في توعية الأُسر وإرشاد ذوي الاختصاص . أولاً :لمحة تاريخية عن تطور القنوات الفضائية : تُعد الإذاعة المرئية أهم وسائل الاتصال في الوقت الحاضر ومن أخطر الوسائل الإخبارية والتربوية والإعلامية لما تتمتع به من خصائص وإمكانات لا تتوفر في وسائل أخرى ، ويمكن إرجاع بداية التطوير للإذاعة المرئية لعام 1839 إفرنجي على يد العالم الفيزيائي (الكسندر أدموند بيكيل ) ، وفى عام 1884 إفرنجي أخترع العالم الألماني ( بول نيكو) عملية المسح الصوري الأسطوري والمرئي والميكانيكي وطوّرها فدخل التلفزيون عصور تجريبية جديدة ، كما واصلت شركات مثل شركة “R.C.A ” أبحاثها الخاصة بالتلفزيون في مدينة نيويورك عام 1930 إفرنجي ، وفي عام 1936 إفرنجي كان في استطاعة أجهزة الاستقبال المرئي التقاط الإشارة عن بعد ميل واحد ، لقد طُوّر استخدام التلفزيون بعد ذلك حيث أدخلت عليه تحسينات كبيرة وسارعت الدول في انتقائه كوسيلة إعلامية ذات أهمية كبرى للتأثير علي الجماهير (1). لقد أضحت الإذاعة المرئية في النصف الثاني من القرن العشرين مُعجزة القرن حيث بدأت التأثير على المشاهد بشكل واضح مُأثرةً على تفكيره وعلى ثقافته وعلى سلوكه مُشكّلةً لشخصيته من خلال ما يضخه المسيطرون على شركات الإعلام من ثقافات يريدون للمتلقي التّشبع بها ، ويقول ( بورستين ) أن الإذاعة المرئية تعد أروع عدسة لها هذه الزاوية المشعة التي أخترعها الإنسان، والتلفزيون له تأثير ساحق في نطاق مفهوم الإنسان المعاصر(2) ، وفي المنطقة العربية كان النظام الإعلامي العربي يستقبل الرسائل المرئية كوسيلة اتصال حديثة ، ومن الضروري الإشارة إلى نقطتين لعبتا دوراً كبيراً في نشأة التلفزيون العربي وهما: (3) التلفزيون أصبح ضرورة إعلامية لعالمنا . تفهم القادة والحكام العرب للدور الكبير الذي يلعبه التلفزيون كوسيلة مهمة لإدارة الشعوب سياسياً واجتماعياً . وقد ظهر في لبنان عام 1949 وفي الجزائر والعراق عام 1956 إفرنجي وفي مصر وسوريا عام 1960 إفرنجي وفي الكويت عام 1961 إفرنجي وفي الجماهيرية العظمى والأردن عام 1968 إفرنجي حيث أن أول بث تلفزيوني في الوطن العربي بدأ في عام 1947 م في المملكة العربية السعودية عندما قامت شركة أرامكو ببناء محطة تلفزيونية ، أمّا ما يتعلق بتطور الفضائيات عبر الأقمار فقد ظهر في كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية كما لحق بهذا الركب العديد من الدول الأخرى مثل فرنسا والصين و اليابان ، ومع مرور الوقت و إطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية تم التغلّب علي العديد من المشاكل الفنية المتعلقة بإيصال الأقمار الصناعية إلى مداراتها وعند الانتهاء من هذه المرحلة ستكون عملية الإرسال والاستقبال كالأتي : محطة الإرسال الأرضية إلى القمر الصناعي إلى المشاهدين وبذلك يتم اختصار عامل الزمن ، وتتم عمليات التحكّم في الإشارة وكذلك في المواد الإذاعية المرسلة إلى المتلقي .(1). ثانياً : بعض سمات الإذاعة المرئية الليبية : بما أن الإعلام وعاء للثقافة ، وخاصة الإذاعة المرئية ، فإن الإذاعة المرئية للجماهيرية العظمى تمتاز بسمات خاصّة من خلال البرامج والمواد الإعلامية التي تقدمها ، حيث تنطلق من الالتزام الديني والقومي والإنساني والثوري وذلك في ظل الطرح الحضاري للنظرية العالمية الثالثة فكر الكتاب الأخضر ، كما تبث الإذاعة المرئية الليبية بعض البرامج التعليمية لبعض المراحل الدراسية ، ويمكن القول إن الجهاز المرئي انتشر بمعدل 100% في الجماهيرية ، وجاءت الأقمار الصناعية بغزو جديد ليهدد عقل وقلب الإنسان حيث هناك ما يقارب من مائة قمر صناعي يدور حول الأرض ، ما يزيد من صعوبة المهام الملقاة على عاتق الإذاعة المرئية للجماهيرية العظمى بخطها الملتزم . ثالثا _ القنوات الفضائية وبرامج الأطفال : يتميز العصر الحديث بقفزات تكنولوجية للاتصال بطريقة مذهلة فاقت توقعات الخبراء وبخاصة فيما يتعلق بالبث المرئي والمعلومات ، عندما نجح الإنسان في تحقيق التوافق بين الكمبيوتر والوسائل التكنولوجية في مجال الاتصال والتكامل بينها بصورة أدّت إلى حدوث ثورة في مجال المعلومات (2).، فالانفتاح العالمي في الاتصالات بين المجتمعات على الكرة الأرضية وما ينتج عن هذا من نقل للعلوم والثقافات والأفكار تحتم على التربية المنهجية أن تغيّر محتواها وأساليبها لتعمل على تخفيف حدة هذا النقل وتهيئة الناشئة نفسياً وإدراكياً لفهم استخدام الصالح منها (3). وقد اتسعت البرامج بمختلف اختصاصاتها واهتماماتها ويبرز بينها تلك البرامج التي تختص بالأطفال على مختلف أعمارهم ، إذ أصبح تدفّق المعلومات وأسبابها والحصول عليها من قبل الناس جميعاً ممكن ، وصار للفرد صغيراً أو كبيراً الحق في الحصول على هذه المعلومات والحرية على امتلاكها ومقارنتها وتحليلها وتشكيل موقف في ضوء ذلك .(3) . كما سلك الوطن العربي مسلك الشعوب الأخرى في العالم ببثه البرامج الخاصة بالأطفال التي لعبت وما زالت دوراً حيوياً في تشكيل شخصية الطفل ، إذ أصبح الجهاز المرئي يوصف من قبل الكثير بأنه الوالد الثالث لما له من قوة تأثير في التنشئة الاجتماعية فاقت في بعض برامجها تشكيل شخصية الطفل وفق ما تمليه ثقافة المجتمع ، كما أصبح للقنوات الفضائية دوراً مميزاً وبخاصة البرامج التربوية ، إذ زادت من مهارات الأطفال وعملت على توعيتهم وإرشادهم بما يتوافق مع مرحلة التغيّر والتطور التي يمر بها المجتمع. وإذا كان البث المرئي الفضائي يلعب دوراً إيجابياً في تشكيل شخصية الطفل من خلال البرامج التربوية والإرشادية ، فإنه أيضاً في الوقت نفسه يعمل على تخريب شخصية الطفل من خلال البرامج التي لا تتفق مع ثقافة وتوجيهات الأُسر العربية مما زاد من خطورة هذه الفضائيات على النشء الجديد وجعلهم يمرون بمرحلة اغتراب خطيرة في عصر تتزاحم فيه هذه البرامج من مصادر مختلفة لها ثقافات مختلفة . من خلال هذا نستطيع القول أن البث المرئي الفضائي سيف ذو حدّين فهو إذا أستُخدم بشكل موضوعي ومنهجي منظم ، ومن خلال البرامج التربوية والإرشادية الموجهة عمل على تشكيل شخصية الطفل بصورة إيجابية ، أما إذا لم يكن هناك تنظيماً موجهاً للقنوات الفضائية وفي نفس الوقت إذا لم تستطع الأسرة اختيار البرامج الملائمة فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية سلبية تؤثر في تشكيل هذه الشخصية . وفي مجال القنوات الفضائية العربية أصبح للقمر عربسات وإذاعات الدول العربية المرئية حضورها في الأسرة العربية ولا سيما على الطفل العربي ، وأصبح من الممكن إيصال رسالة من كل قطر إلى المتلقي العربي في كل مكان ، وصار المتلقّون العرب يقبلون على المحطات العربية لا بسبب اللغة فحسب ، بل بسبب جاذبية النظام الثقافي والنظام القيمي المشترك حيث يجد المواطن نفسه في المادة المعروضة بشكل أو بآخر ويجد ما يلبي حاجته إلى الصورة العربية ، وهذه النقطة تُحسب لصالح القنوات الفضائية العربية . إن التنوّع في طبيعة القنوات الفضائية العربية وفي برامج الأطفال يبرّرها حتماً تنوع الجمهور المستهلك الذي نجد له تصنيفات متعددة ، لكن التصنيف الأهم هو الذي يعتمد على الرقعة الجغرافية وهو الذي يحدد طبيعة الاتصال وغاياته وهو جمهور عربي داخل وخارج المنطقة العربية ،(1). وينبغي أن نبين أنه ليس لأيّة قناة عربية القدرة على أن تستهدف كل هذه الجماهير إلاً إذا استعملت أكثر من قمر صناعي في إرسالها . من خلال هذا العرض نتوصل إلى أهمية القنوات الفضائية في تشكيل شخصية الطفل وإبراز اهتماماته في عالم متغير أصبحت الثقافة فيه سريعة التغير والتنوع ، وبرزت اهتمامات خاصة بالأطفال تشكلت من خلال تأثير هذه البرامج الفضائية مما أعطى للطفل مساحة أكبر من الاهتمام ، وبالتالي أثر ذلك في سلوكه الاجتماعي داخل الأسرة وسلوكه مع أقرانه ، وبالإضافة إلى ظهور نمط جديد من الشخصية يختلف عن ذاك النمط التقليدي الذي نشئ في ظل ثقافة تقليدية ، لعبَ الوالدان وثقافة الأسرة فيه دوراً رئيسياً . رابعاً : الفضائية الليبية وبرامج الأطفال : في ظل الظروف الجديدة التي يمر بها المجتمع العربي الليبي وما يشهده من تغيرات واسعة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، بدأ اهتمام الباحثين في تسليط الضوء على أهمية البث الفضائي على الشباب و في تشكيل شخصية الإنسان الذي يعيش ظروفاً متغيرة ، لذا فأن تأثير القنوات الفضائية في تشكيل شخصية الطفل أصبح واقعاً واضحاً في كل يوم وفي كل لحظة ، إذ أصبحت ثقافة الطفل مقترنة بما يشاهده يومياً من برامج مرئيّة متنوعة ومن مصادر مختلفة ومن ثقافات عربية وأجنبية مما أوقع الأسرة اليوم تحت ضغوط شديدة فكان على القناة الفضائية أن تعمل على ضبط نوعية برامجها بما يتلاءم مع طبيعة المرحلة التي يمر المجتمع بها . أهمية القنوات الفضائية في تشكيل شخصية الطفل: نعيش اليوم في عالم تحاصرنا فيه وسائل الإعلام من كل جهة ، فتحاصرنا الكلمة المكتوبة في الصحيفة والكتاب والمجلة ؛ وتحاصرنا الكلمة المسموعة في الإذاعة وتحاصرنا الصورة و الكلمة في الإذاعة المرئية ، ولا شك أنه في ظل المجتمعات الإعلامية أصبحت شخصية الطفل إلى حد ما من صنع وسائل الإعلام بالإضافة إلى الأسرة والمدرسة .. ولقد أوجدت طبيعة العصر وتطور الحياة الاهتمام بالطفولة وبرامجها و وسائل إعلامها التي أصبحت تلعب دوراً هاماً في تشكيل شخصيات الأطفال من خلال ما تنقله في مادتها وشكلها وأنشطتها من قيم ونماذج وتفاعلات وتوجهات صريحة أو ضمنية ، ونظراً لما تقوم به وسائل الإعلام من وظائف نفسية في حياة الطفل تجعلنا نشير إليها لدرجة تكاد تشكل معها عالمها الخاص . ولكل وسيلة من وسائل الإعلام مميزات وخصائص تميزها عن الوسيلة الأخرى وتختلف في التأثير الذي تحدثه في الأطفال ، فالملاحظ أن البرامج المسموعة والقصص والكتب قد تراجعت أمام الجهاز المرئي الذي أصبح يحظى باهتمام الأطفال بشكل كبير ، فالجهاز المرئي هو نافذة صغيرة يرى فيها الطفل وهو في بيته العالم الخارجي الكبير ، وعليه يرى الطفل مشاهد من بلاد بعيدة ونماذج من سلوك الكبار ، كما أن الجهاز المرئي يؤدي نشاطاً كبيراً في الإعلان عن مختلف احتياجات الطفل وهذا في حد ذاته ثقافة كبيرة . فيما يلي نوجز أهم الخصائص المميزة للأجهزة المرئية باعتبارها وسيلة لعرض برامج القنوات الفضائية : ـ إن الجهاز المرئي يجمع بين الكلمة المسموعة والصورة المرئية مما يزيد من قوة تأثيره ومدى فائدته التثقيفية لاعتماده على وسيلتين من وسائل التطبيق يستخدمها في وقت واحد (1). ـ إن الجهاز المرئي يتميز بقدرته على جذب المشاهد وخاصة صغار السن وتحقيق درجة عالية من المشاركة من خلال ما يقدمه من مواد تعليمية وترفيهية إضافة إلى الدور التربوي الذي يقوم به . ـ يتعامل مع المشاهد مباشرة ، فالمرسل في هذه الوسيلة يخاطب المستقبل وجهاً لوجه .(2). ـ إمكانية نقل الأحداث الاجتماعية على الهواء ساعة وقوعها ونقل الكثير من الجوانب الثقافية والمعنوية والمادية للمشاهد ونقل خبرات الأشخاص ذوي المواهب والتخصصات النادرة ، وبإلقاء المحاضرات وعرض البرامج والندوات والأفلام العلمية عن عالم الحيوان أو حياة الشعوب و أساليب حياتها .(3). ـ الصورة المتحركة الناطقة التي يقدمها هذا الجهاز تجعل المشاهد يتابع الأحداث في مكانه دون أن يكلف نفسه عناء الخروج من منزله للبحث عنها . ـ إن المادة المعروضة على الجهاز تعتبر أقرب بديل للخبرة الحقيقية . ـ يتميز الجهاز المرئي بقدرته على تحويل المجردات إلى محسوسات ، ويُعد وسيلة جذّابة للكبار والصغار ، فهو يمتلك القدرة الفنية التي تمكنه من تحويل الخيال إلى صورة واقعية . ـ يساهم بالاستغناء عن الطرق التقليدية في التعليم ، ويضيف المتعة في عملية التدريس ، مثل ما تقدّمه الفضائية الليبية من خلال برنامج منزلية التعليم . .(1) إنشراح الشال ، بث وافد على شاشات التلفزيون ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1993 ، ص 9 . .(1) محمد فلاح ، التلفزيون والعلم ، الجامعة الأردنية ، الطبعة الأولى ، 1992 ، ص 17 ،18. .(2) انشراح الشال ، مرجع سابق ، ص 195 . .(3) محمد زياد حمدان ، التربية المنهجية في المستقبل خصائصها ومكوناتها المحتملة ، مجلة الباحث ، ع 35 ـ 36 ، بيروت ، 1994 ، ص 80 . .(3) إياد الشاكر البكري ، بعد إطلاق الأقمار البث كيف ستكون مرئية المستقبل ، مجلة الباحث ، ع 12 طرابلس ، 1997 ، ص 28 . .(1) تقرير صادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، 1998 ، ص 30 ، 108 ، 177 . . (1) صالح خليل أبو إصبع ، قضايا إعلامية ، منشورات مؤسسة البيان ، الطبعة الأولى ، 1988 ، ص 97 .(2) محمد شراب ، الإذاعة المرئية وأهميتها في حياة المجتمع ، المجلة الإعلامية ، ع 3 ، طرابلس ، السنة الاولى ، 1422 م ، ص 111 . .(3) محمد حيدر الشيخ ، صناعة الجهاز المرئي في القرن العشرين ، الهيئة المصرية العامة الطبعة الأولى ، 1994 ، ص 20 . .(2) محمد علي الأصفر ، أطفالنا والخيالة المرئية ، مجلة البحوث الإعلامية ، ع 7 ، 1993 ، ص 212 . .(3) محمد شراب ، مرجع سابق ، ص 102 .

تحليل الاستراتيجي لـ مشيل كروزيه و ارهارد فريدبيرغ

لتحليل الاستراتيجي لـ مشيل كروزيه و ارهارد فريدبيرغ : التحليل الاستراتيجي لـ ( مشيل كروزيه و ارهارد فريدبيرغ ) Michel Crozier et Erierd Friedberg تمهيد : يعتبر نموذج التحليل الاستراتيجي لـ " كروزيه " و " فريدبيرغ " من بين المظورات الساسية لتحليل " الفعل الاجتماعي " في مجال علم الاجتماع و في تحليل السلوك التنظيمي و التغير التنظيمي . ةو علاقات السيطرة و النفوذ و الصراع داخل المجموعات .... فقد تطور هذا المنظور عبر عدة دراسات و ابحاث قام بها كروزيه و فريدبيرغ طيلة سنوات ضمن البحوث التي كان يجريها مختبر علو اجتماع التنظيم الفرنسي . 1- أساسيات التحليل الاستراتيجي : كما ذكرنا في المقال الذي تحدث عن مساهمات الفكر الكروزي في تطوير الادارة العمومية . أن التحليل الاستراتيجي ليس عملية سهلة فهو عملية متشابكة و مترابطة بين عدة مخلات و مخرجات .و الفاعلون بما لديهم من ثقافات و خبرات حول وضعيات العمل فإنهم دوما ينتجون أفعالا بها يستطيعون تحريك الأمور. إذا فالتحليل الاستراتيجي بمنظوره النسقي يسمح بإيجاد نظرة دقيقة و حقيقية لما يجري في مواقع العمل .و هو يعتبر منهج بحث فريد من نوعه ، ذلك لأنه تضمن صورة مغايرة عن التنظيم و مخالفا بذلك النظريات الكلاسيكية . فالتنظيم هو ذلك المجال الذي فيه يستغل الأفراد و يستفيدون من هوامش حرياتهم و هو محصلةأو نتيجة لألعابهم .فمسلمات هذا المنظور هي : - التنظيم هو بناء أو تشكل اجتماعي ينتج من أفعال الأفراد. - هناك دوما مجالا للعب أو المناورة بين المشاركين في التنظيم .و هذا المجال من الحرية هة الذي يحدد الفاعلين . 2 – أهم مفاهيم و مصطلحات التحليل الاستراتيجي : لا نريد أن نتكلم بالتفصيل على هذه المصطلحات لأننا قد تكلمنا عليها في المقالة السابقة و لكن نريد إضافة و توضيح بعض النقاط لزيادة الفهم . 2 – 1 . الرهان أو القضايا Enjeu . و هي تلك الأهداف أو القضايا التي من أجلها يقوم الفاعل ببناء استراتجيته اتجاه الآخرين . و هي تتميز بالتغير و التحول ، ذلك لأنه دوما يكون الفاعل إما في حالة ربح أو في حالة خسارة .و هنا تدخل مدي نجاح العقلانية في اختيار الوقت و الهدف و الاسترتيجية المناسبة . 2 – 2 . الفاعل L’acteur : كما ذكرنا سابقا هو أن الفعل هو الذي يحدد الفاعل . فلا يمكن أن تكون أفعال بدون فاعلين . و الفاعل يكون إما فردا أو مجموعة .و قد استفاد كروزيه في تحليله الاجتماعي من ما جاءت به نظرية الفعل الاجتماعي . فالفاعل هو ذلك الفرد الذي له القدرة على التدخل و المشاركة في مشكلة ما . أي أنه مرتبط أو معني بها انطلاقا من رهانات يكتشفها و يتبناها .و ذلك لأن أي فاعل عنده شكل ما من أشكال النفوذ أو التأثير يستطيع به تحريك أو استعمال موراد ضائعة في التنظيم .و على كل فأنه إذا كانت القضية أو الرهان ضعيف عند الفاعل ، فإن الفاعل لا يكون له تحرك كبير و لا أهداف كبيرة .أو أن الأهداف غير مهمة عنده .و بالعكس إذا كانت الرهانات مهمة أو جماعية يكون الفاعل حينئذ يعمل لصالح الجماعة . 2 – 3 . السلطة Le Pouvoir : يعتبر مفهوم السلطة مفهوم حساس و متفرع . حيث اختلفت فيه آراء المنظرين و المفكرين باختلاف مشاربهم .و أهم من تحدث عن السلطة هم علماء الاجتماع لارتباط هذا المفهوم بالحكم و السياسة . و تعرف السلطة على أنها : " إن السلطة تعني بكل بساطة انتاج آثار مرجوة " برتراند رزسل 1939. و عرفها " روبرت دال على أنها " ( الطاقة التي يستعملها أي شخص للحصول على شيء ما من آخر لم يكن ليقدمه لولا ذلك التدخل ) . أما ماكس فيبر فقد عرفها على أنها " سلطة شخص (أ) على شخص (ب) .هي قدرة (أ) على أن يفعل (ب) بعض الأشياء التي لا يعملها إذا لم يكن هناك تدخل من طرف الشخص (أ) . أما كروزيه فقد عرفها على أنها علاقة تبادلية .فهي عنده " السلطة هي علاقة تبادلية و ليست ممنوحة ( Ahributive ) أي أنه لا يمكن أن نقول أن الشخص ( ب) يتحمل أوتوماتيكيا الأوامر الصادرة من الشخص (أ) .فالشخص ( ب) له هامش من التحرك ، و هو يقبل الأوامر أو الخضوع ببساطة لأنه يتحصل هو كذلك على بعض الأشياء كتبادل . فإذا السلطة التي يتميع بها الشخص (أ) على الشخص (ب) هي قدرة (أ) على الحصول – في علاقته مع (ب)- على مفهوم تبادلي يوافق عليه (ب) و يفضله في خضم علاقة تفاوضية . و بالتالي يمكن لنا أن نلاحظ في تحليل كروزيه لمفهوم السلطة على أنه اعتمد على مفاهيم "نظرية التبادل الاجتماعي " التي ترى أن علاقات الناس تخضع لعملية تفاوض و تبادل .و يكمن ذلك من استعماله لبعض مفاهيمها مثل " التكلفة – الربح –الخسارة - التفاوض – التبادل .... و نتساءل كيف يتحصل الفاعل في التنظيم على هذه السلطة التي تمنحه استراتيجية الفعل ؟ يقدم كروزيه مفهوما جديدا في عملية استراتيجية الفعل ، ضمن ما يعرف بـ " منطقة الارتياب أو الشك ". 2 -4 . منطقة الارتياب La zone d’incertitude. : في كل تنظيم يمكن أن تتواجد ثغرات أو معارف مفقودة لم ينتبه لها التنظيم الرسمي . مثال :لا يوجد مدة محددة لفترة صيانة الأعطال في الآلات أو تحديد وقتها .أو لا يحدد التنظيم حجم الرقابة التي يفرضها على العمال من طرف رئيس الورشة .إذا فإن مثل هذه الأمور الغمضة أو المبهمة إن جاز التعبير عنها هي ما يسميه كروزيه بمنطقة الشك أو الارتياب . و الفاعل الاستراتيجي هو الذي يحاول الاستحواذ عليها أو التحكم فيها ، ليمارس نوعا من الضغوط أو النفوذ أو السلطة على الآخرين .فهي مورد هام يتخذه الفاعل ليمارس فيه التحرك ضمن هامش الحرية .فالفاعل الذي يتحكم في هذه المنطقة يتمتع بالاستقلالية و القدرة على إخفاء لعبته . 2 – 5 . علاقة السلطة بمنطقة الارتياب : كما أوضحنا من قبل فإن الفاعل الذي يتحكم في منطقة الارتياب هو الذي يتمتع بالسلطة و حرية التحرك ." كلما تحكم الفاعل في منطقة الارتياب جيدا كلما كان لديه سلطة أكبر ." مثال عامل الصيانة فهو يمارس سلطة على رئيس ورشة الإنتاج و على عمال الإنتاج ،لأنه يتحكم في فترة وقت الصيانة و مدتها أي باستطاعته التلاعب بأعصاب العمال و رئيس الورشة فكلما كان عمال وحدة الانتاج متسرعين لتصليح آلاتهم لرفع الانتاج و الحصول على المردودية كلما كان لعامل الصيانة سلطة عليهم .أي أن حاجة العمال لصيانة آلاتهم هي مصدر قوة لعامل الصيانة .فهم يخضعون له في علاقة تفاوضية لربح المردودية . وهذا هو الذي يمكن أن نسميه بالفعل الاستراتيجي لكل لاعب . فما هي الاستراتيجية ؟ 2 – 5 – الاستراتيجية : هي مفهوم ارتبط بالحروب و القتال ، و قد استخدمه كروزيه ليعبر به عن تلك الألعاب " كرّ و فرّ " التي هي بين الفاعلين لبلوغ أهداف مرجوة . و هي التي تحدد سلوكهم و تصرفاتهم ، فهي فعل عقلاني بالنسبة لكل فاعل . و يمكن تعرفها بـ " هي تلك الأفعال المتماسكة و المترابطة للسلوكات التي يتبناها الفاعل من جهة نظر خاصة به ،و تُوجّه هذه الاستراتيجية حسب نوعية الرهانات و الأهداف ." و منه فيمكن أن نقول أن تصورات الفاعلين لتحقيق أهدافهم عبر هامش الحرية و ممارسة السلطة بفض تحكمهم في منطقة الشك ضمن عقلانية محدودة هي التي تدفعهم إلى تطوير عدة استراتيجيات في إطار العلاقات الغير متكافئة و ضمن نسق علائقي يحرك هذه الاستراتيجيات . و هو ما يسمى بـ " نسق الفعل الملموس أو الفعلي " 2 – 6 . نسق الفعل الملموس ( الفعلي ) : هو محصلة مختلف الاستراتيجيات التي يمارسها الفاعلون .و هو ليس بالضرورة خاضع للرسمية و التنظيم الرسمي ، إنما هي تلك الألعاب المنظمة و المرتبة بين الفاعلين في علاقاتهم التبادلية تظهر فيها المصلحة و التنافر و الصراع .... فكل فاعل من هؤلاء يقوم برسم علاقات تفضيلية تساهم كلها نحو تحقيق أهداف محددة بواسطة ضبط جماعي Régulation de systeme . 3 – تطبيقات التحليل الاستراتيجي كمنهج بحثي : لقد أدت الحاجة إلى استعمال عدة مداخل أو مناهج تحليلية في التنظيمات أو المؤسسات الاقتصادية أو السياسية على الخصوص ، و من أهما منهج التحليل الاستراتيجي لفهم سلوكيات و الأفعال الرمزية التي ينتجها الفاعلون في إطار ألعاب الفعل النسقي . و يمكن استخلاص بعض خطوات هذا المنهج وهي خمسة خطوات لهذا التحليل هي : 1 – تحديد الإشكاليات و الرهانات المطروحة في التنظيم . 2 – استنتاج من هم الفاعلون المرتبطون بها . 3 – دراسة كل فاعل لوحده بالتفصيل من حيث ( موارده ، نقائصه ، هامش حركته ، مدى تحكمه بمنطقة الشك ...) 4 – استخلاص و استنتاج الاستراتيجيات التي يظهرها أو يتبناها الفاعلون . 5 – دراسة التفاعل بين مختلف الاستراتيجيات المستنبطة من نسق الفعل . و بعد هذه المرحلة و بعد أن نكشف نسق الفعل العام و مختلف الاستراتيجيات الموجودة ، نقوم برسم تخطيطي لتوضيح العملية التي تساعدنا على انجاح المشروع، من خلال تحديد المشروعات في كل قطاع و محاولة الكشف على الأفعال الضرورية لبلوغ ذلك .

مناهج البحث في علم الاجتماع

تمهيد : هناك مناهج للبحث يستخدمها علماء الاجتماع ، ويتوقف استخدامها على الباحث ، وطبيعة البحث ، والإمكانات المتوفرة ، ودرجة الدقة المطلوبة ، وأغراض البحث ، ولعل من أكثر الطرق المنهجية شيوعاً في الدراسات الاجتماعية ، المنهج التاريخي المقارن ، والتجريبي، والمنهج الوصفي وغيرها، مما قد تقتصر فيه النتائج على الوصف، أو تتعدى ذلك إلى التحليل والتفسير ، وقد لا يكتفي الباحث بأحد هذه المناهج ، بل يتعدى إلى المزج بينها ، وسنعطي فيما يلي نبذة عن هذه المناهج : المنهج التاريخي: يستخدم علماء الاجتماع المنهج التاريخي، عند دراستهم للتغير الذي يطرأ على شبكة العلاقات الاجتماعية، وتطور النظم الاجتماعية، والتحول في المفاهيم والقيم الاجتماعية. وعند دراستهم لأصول الثقافات، وتطورها،وانتشارها. وعند عقد المقارنات المختلفة بين الثقافات والنظم، بل إن معرفة تاريخ المجتمع ضرورية لفهم واقعه. وقد صاحب المنهج التاريخي نشأة علم الاجتماع، وقد كان في البداية تطورياً، يميل إلى وضع المراحل التطورية المختلفة للمجتمعات الإنسانية، كما هو عند كونت وسبنسر. ولكن النزعة التطورية بدأت تتلاشى، نظراً لعدم موضوعيتها. وتعد الوثائق سواءً أكانت وثائق شخصية، أم رسمية، أم عامة، من أهم مصادر المعرفة الاجتماعية، كالتاريخ الاقتصادي، والسياسي، والديني، والتربوي، والسكاني وغيرها، ومثل ذلك الدراسات الوصفية المتكاملة لمجتمع ما في فترة تاريخية معينة، حيث تحتوي هذه الدراسات عادة على معلومات قيمة تفيد عند التحليل. يمكن أن نمثل لهذا النوع من الدراسات، بالدراسة الضخمة، التي أعدتها مجموعة علماء الحملة الفرنسية على مصر بعنوان: وصف مصر، حيث تعد دراسة مسحية شاملة للبناء الاجتماعي لمصر في فترة تاريخية معينة . المنهج الوصفي: “يعد المنهج الوصف من أكثر مناهج البحث الاجتماعي ملاءمة للواقع الاجتماعي وخصائصه. وهو الخطوة الأولى نحو تحقيق الفهم الصحيح لهذا الواقع. إذ من خلاله نتمكن من الإحاطة بكل أبعاد هذا الواقع، محددة على خريطة، تصف وتصور بكل دقة كافة ظواهره وسماته ” . وقد واكب المنهج الوصفي نشأة علم الاجتماع، وقد ارتبطت نشأته بحركة المسح الاجتماعي في إنجلترا، أو منهج لوبلاي في دراسة الحالة، ونشأة الدراسات الأنثروبولوجية. والفكرة الأساسية التي يقوم عليها المنهج الوصفي هي: أن المشكلة التي واجهت الدراسة العلمية للظواهر الاجتماعية، هي عدم وجود منهج علمي حقيقي، يصلح لتحليل هذه الظواهر. فلم تكن الملاحظة خاضعة لقواعد تنظمها، بحيث نعرف بدقة كيفية الملاحظة، وأهمية الظواهر التي تُلاحظ، وأكثرها دلالة. ولذلك فإن المنهج الوصفي يعتمد على خطوات هي: اختيار الوحدة الاجتماعية الأولية والأساس في الموضوع المدروس. اكتشاف الطريقة الملائمة للقياس الكمي لمختلف عناصر مكونات وحدة الدراسة. فحص العوامل المختلفة المؤثرة في تنظيم الظاهرة المدروسة في وظائفها. وعلى هذا فإن البحوث الوصفية تتم على مرحلتين، مرحلة الاستكشاف والصياغة. ومرحلة التشخيص والوصف المتعمق. وهما مرحلتان مرتبطتان ببعضهما. ويعد المسح الاجتماعي ودراسة الحالة، والبحوث السكانية التي تصف المواليد، والوفيات، وتحركات السكان، وتوزيعهم، بحوث وصفية، تمثل المنهج الوصفي، ويوفر المنهج الوصفي كثيراً من البيانات والمعلومات التي تزيد المعرفة بالظواهر، وتنمي البصيرة بالواقع الاجتماعي بكل أبعاده. المنهج التجريبي: “التجريب جزء من المنهج العلمي. فالعلم يسعى إلى صياغة النظريات التي تختبر الفروض التي تتألف منها، وتتحقق من مدى صحتها.. والتجربة ببساطة: هي الطريقة التي تختبر بها صحة الفرض العلمي ” . “فالتجريب هو القدرة على توفير كافة الظروف، التي من شأنها أن تجعل ظاهرة معينة ممكنة الحدوث في الإطار الذي رسمه الباحث وحده بنفسه. والتجريب يبدأ بتساؤل يوجهه الباحث مثل: هل يرتبط ارتفاع المستوى الاقتصادي للفرد بإقباله على التعليم؟ أو هل هناك علاقة بين الدين والسلوك الاقتصادي؟. أو بين التنشئة الاجتماعية وانحراف الأحداث؟ ومن الواضح أن الإجابة على هذه التساؤلات، تقتضي اتباع أسلوب منظم لجمع البراهين والأدلة. والتحكم في مختلف العوامل التي يمكن أن تؤثر في الظاهرة موضوع البحث، والوصول إلى إدراك للعلاقات بين الأسباب والنتائج ” . ويعتمد تصميم البحث التجريبي على عدة خطوات، هي تحديد المشكلة، وصياغة الفروض التي تمس المشكلة، ثم تحديد المتغير المستقل، والمتغير التابع، ثم كيفية قياس المتغير التابع، وتحديد الشروط الضرورية للضبط والتحكم، والوسائل المتبعة في إجراء التجربة. ومع صعوبة تطبيق هذا المهج في العلوم الاجتماعية، إلا أنه طبق فيها، واستطاع أن يغزو علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية، تحت تأثير النجاح الذي حققه في العلوم الطبيعية. المنهج المقارن: يمكن القول بأن المنهج المقارن، يطبق في علم الاجتماع بكافة فروعه ومجالات دراسته، ذلك أن أي بحث في علم الاجتماع لا يخلو من الحاجة إلى عقد مقارنة ما. وقد استعان به أغلب علماء الاجتماع قديماً وحديثاً، ويمكن ذكر المجالات الرئيسة في علم الاجتماع، التي يمكن أن تخضع للبحث المقارن فيما يلي: دراسة نمو وتطور أنماط الشخصية، والاتجاهات النفسية والاجتماعية في مجتمعات، وثقافات متعددة، مثل بحوث الثقافة، والشخصية، ودراسات الطابع القومي. دراسة أوجه الشبه والاختلاف، بين الأنماط الرئيسة للسلوك الاجتماعي. دراسة النماذج المختلفة من التنظيمات، كالتنظيمات السياسية والصناعية. دراسة النظم الاجتماعية في مجتمعات مختلفة، كدراسة معايير الزواج والأسرة والقرابة، أو دراسة المعتقدات الدينية، وكذلك دراسة العمليات والتطورات التي تطرأ على النظم الاجتماعية مثل التحضر . تحليل مجتمعات كلية. وعادة ما تتم المقارنة بين المجتمعات وفقاً للنمط الرئيس السائد للنظم .

تالكوت بارسونز ونظرية الفعل الاجتماعي

تالكــوت بــارســـونز ( 1902- 1979 ) حياته : ولد عالم الاجتماع الأمريكي تالكوت بارسونز عام 1902، في ولاية كولورادو الأمريكية في مدينة سبرنغ، ينحدر بارسونز من عائلة متدينة ذات ثقافة رفيعة، كان والده قسيسا و بروفيسورا بروتستانتيا في كنيسة و رئيسا لعدة كليات جامعية صغيرة ، وقد تلقى بارسونز تعليمه الجامعي في كلية أمهرست Amherst College ،وقد حصل على البكالوريوس عام 1924 ، وقد كانت في البيولوجيا التي كانت محور اهتمامه الأساسي، ثم توجه إلى لندن ليكمل دراساته العليا بعد حصوله على دعم مالي من عمه، فذهب للدراسة بمدرسة الاقتصاد بلندن لمدة عام حيث درس على يد عالمي الاجتماع "هوبهاوس" و"جينزبرج" والأنثربولوجي مالينوفسكي والذي أثار فيه الاهتمام بالاتجاه الوظيفي. ولقد حصل بارسونز على درجة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة هيديلبرج وكان موضوعها مفهوم الرأسمالية في الأدب الألماني الحديث*، وبعد عودته من لندن عين بارسونز محاضراً للاقتصاد بكلية أمهرست ثم انتقل إلى جامعة هارفارد عام 1927 حيث استمر محاضراً لها لمدة تسع سنوات الأربع الأولى منها قضاها في قسم الاقتصاد والخمس سنوات الأخيرة في قسم الاجتماع حيث أصبح عضواً في هيئة التدريس بقسم الاجتماع تحت رئاسة سوروكين ولقد رأس فرع العلاقات الاجتماعية بجامعة هارفارد عام 1946م، ولقد عمل بارسونز أستاذاً زائراً للنظرية الاجتماعية بمدرسة الاقتصاد بلندن – جامعة كمبردج، كما عمل عضواً ورئيساً للأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون.( ابو طاحون ، عدلي، النظرية الاجتماعية المعاصرة، بتصرف، ص ص 174- 175) مكانة تالكوت بارسونز كعالم اجتماع: حظي بارسونز بشهرة لم تتوافر لعالم اجتماع أوروبي أو أمريكي في القرن العشرين. وقد جعلت هذه الشهرة من الوظيفية ومن بعدها نظرية ( الفعل ) التي انتمى إليها بارسونز من أشهر نظريات علم الاجتماع وأكثرها قبولاً بين علمائه في الولايات المتحدة على وجه الخصوص. يعتبر فكر بارسونز امتداداً طبيعياً لفكر كل من دور كايم وماكس فيبر. فسوف نرى لاحقاً كيف تمكن بارسونز من هضم علم الاجتماع الكلاسيكي الأوروبي خاصة نظريات كل من ( دور كايم وباريتو ومارشال )، ثم قدم له صياغة أمريكية جديدة تمثلت في مشروع نظري كبير يتخذ من نظرية الفعل الاجتماعي إطاراً له، وقد جند بارسونز تلاميذه للترويج لتلك الصياغة الأمريكية التي قدمه، بحيث أصبحت تسيطر سيطرة كاملة على المؤسسة الأكاديمية في علم الاجتماع الغربي.( زايد، أحمد، علم الاجتماع، صص 95 - 96) ومن النقاط المهمة التي تبرهن على أهمية معالجة فكر بارسونز، نقطة تتعلق بمشكلة النظام، فقد دخل بارسونز دون الكثيرين من علماء الاجتماع في حوار مع مذهب المنفعة الذي صاغه هوبز، وحاول ان يتخطى الحل القهري لمشكلة النظام والذي قدمه هوبز، مقدماً حلاً معيارياً لهذه المشكلة. ومن هنا فإن نظريات تالكوت بارسونز تعد أكثر النظريات المعاصرة ارتباطاً بمشكلة النظام. وإذا كنا قد أكدنا أن بارسونز هو الوجه البارز على مسرح علم الاجتماع الغربي، فإن نظريته تعد أكثر النظريات تمسكاً بالاتجاه المحافظ وأشدها دفاعاً عنه؛ ومن ثم فغن معالجتها تعتبر معالجة للصورة المعاصرة لعلم الاجتماع الغربي. وحيث نؤمن جدلاً بأن فكر بارسونز كان رد فعل لمشكلة نظام ملحة فرضت نفسها مع الانهيار العظيم في المجتمع الأمريكي في العقد الرابع من هذا القرن، فإن ذلك يفرض علينا ان نكشف عن الإطار الفكري والبنائي الذي ظهر فيه هذا الفكر، وذلك بعد تعديد مؤلفاته لنتمكن من ربط تسلسل أعماله مع الظروف المحيطة به. مؤلفاته :  بناء الفعل الاجتماعي 1937  نحو نظرية عامة في العقل 1951  النسق الاجتماعي 1952  على الطريق نحو نظرية للفعل الاجتماعي 1954  المجتمعات: تطورها ومقارناتها 1966  أنساق المجتمعات الحديثة 1971. بعد أن ذكرنا أهم أعماله سوف ننتقل للإطار البنائي والفكري الذي ولدت فيه هذه الأعمال. الإطار البنائي والفكري لنظريات تالكوت بارسونز: ظهرت أول أعمال بارسونز المهمة " بناء الفعل الاجتماعي" في عام 1937، في العقد الرابع من القرن العشرين، حث كان المجتمع الأمريكي يعاني مجموعة من الاضطرابات الاقتصادية الناتجة عن أزمة عام 1930*. وقد أثر هذا البناء الفوقي بما فيها من أفكار, وأيدلوجيات فأصابها الاضطراب هي الأخرى، فكثيراً ما توصف بداية العقد الرابع من أمريكا " بالانهيار العظيم" Great Crash، ذلك لأنه أصاب النسق الاقتصادي تدهـور كـبير، كما تعطل ربع العمال الأمريكيين، وعاشوا في فقر مدقع، وتحكم عدد قليل من الرأسماليين في سوق الإنتاج، فاتسعت الهوة بين الطبقات، واضطراب النسق الصناعي. أدى تفكك البناء التحتي إلى تفكك مستوى الفكر- كما أسلفنا – إذ لم تكن هناك نظرية عامة في المجتمع الأمريكي تستطيع أن تعيد للمجتمع توازنه أو يتعلق بها من أضيروا بهذه الأزمة. وفي هذه الظروف لاقت الماركسية انتشاراً واسعاً في المجتمع الأمريكي، وخاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته في روسيا في هذه الفترة، فقد ظهرت أمام الأمريكيين على أنها مجتمع تغلَب على مشكلة الأزمات الاقتصادية عن طريق التخطيط الرشيد وأنها تقدم للجماهير مستوى أعلى من الخدمات التي تقدم في الأقطار الرأسمالية. تفشى المد الشيوعي إلى الولايات المتحدة في العقد الرابع من القرن العشرين، وكانت الطبقات الوسطى سواء في أمريكا أم سائر أوروبا كانت تخشى الامتداد الشيوعي وتعتبره خطراً عالمياً في الوقت الذي تواجه فيه بأزمة اقتصادية. هنا ظهر اتجاهات متعارضان: رؤية راديكالية متأثرة بالماركسية ترى أن الوقت مناسب للقيام بثورة، ورؤية محافظة ترى أن كل هذه الأحداث تهدد النظام العام الذي يجب المحافظة عليه مهما كانت الظروف. وفي هذه الظروف اتجه علم الاجتماع في أمريكا وجهة إمبريقية تستهدف مسح المشكلات الاجتماعية والتعرف على خصائص المجتمعات المحلية. وظهر الاتجاه قوياً داخل ما يعرف بمدرسة شيكاغو حيث كانت جامعة شيكاغو تضطلع بدور كبير في تدريس علم الاجتماع وفي البحث الاجتماعي، واستطاعت في فترة ما بين الحربين أن تراكم مادة إمبريقية هائلة حول المشكلات الحضرية دون أن تستطيع تطوير إطار نظري عام يجمع هذه المادة وينظمها في رؤية نظرية عامة. وبجانب بحوث مدرسة شيكاغو ظهرت بحوث إمبريقية أخرى كان موضوعها الأساسي دراسة المجتمعات المحلية دراسة مسحية وصفية دون الالتزام بأطر نظرية واضحة. وإزاء هذا الاهتمام المبالغ فيه بالدراسات الإمبريقية لم يستطع علم الاجتماع في فترة ما بين الحربين أن يطور لنفسه نظرية عامة يمـكن من خلالها تصوير الخطوط العـامة للبنـاءالاجتماعي الرأسمالي الذي يصيبه التفكك تحت وطأة الأزمة الاقتصادية. وكن من نتيجة ذلك أن حدث ضرب من الانقطاع بين التراث الكلاسيكي لعلم الاجتماع كما تمثل في أعمال دور كايم وماكس فيبر وماركس، وبين التراث السائد للبحوث الإمبريقية ذات الطبيعة المتجزأة. ومن ثم فإنه بالرغم من الجهد الكبير الذي بذل في جمع مادية واقعية وتحليلها وفقاً للأسس العلمية، إلا أن هذه المادة ظلت متناثرة لا يربط بينها رابط ولا ينتظمها نسق فكري واحد. فلم يعرف علم الاجتماع الأمريكي في هذه الفترة أية أنساق نظرية سوى تلك التي ظهرت داخل نطاق علم النفس الاجتماعي من خلال جهود وليام وكولي وجورج وهربرت ميد والتي تبلورت فيما عرف بعد بنظرية التفاعل الرمزي. هذه هي الظروف البنائية والفكرية التي واجهها بارسونز عندما بدأ عمله في قسم الاجتماع بجامعة هارفارد عام 1931. ولقد فرضت عليه هذه الظـروف فضـلاً عن ظـروف تكوينه الفكري أن يتجه اتجاهاً مغايراً لما هو سائد في ألأوساط السسيولوجية في هذا الوقت. كان بارسونز قد عاد من رحلة في أوروبا استوعب فيها التراث الألماني المثالي، والتراث الوضعي الفرنسي، وتراث الأنثربولوجيا الإنجليزي. إزاء هذا التكوين الفكري ذي الاتجاه النظري الواضح لم يقتنع بارسونز بالاتجاه الإمبريقي الذي كان يسيطر على المدرسة المريكية في علم الاجتماع. فقد كان بارسونز على يقين من أن جمع الحقائق الإمبريقية ليس كافياً لإقامة صرح العلم، فلابد من تجميع الحقائق في إطار نظري يمكن من خلاله تفسيرها وإيجاد العلاقات المنطقية بينها. وربما في إطار نظري يمكن من خلاله تفسيرها وإيجاد العلاقات المنطقية بينها. وربما كان بارسونز يدرك – بوعي منه أو بغير وعي – أن مثل هذه البحوث الإمبريقية لن تسهم في حل مشكلات المجتمع الذي يعاني من الأزمة الاقتصادية، وأن هذا الحل يمكن أن يتاح فقط إذا ما انصهرت العناصر المكونة للبناء الاجتماعي في " كل " واحد يوفق بين حرية الفرد ومصلحة المجتمع، وبناء على ذلك فإن البديل النظري الذي طرحه بارسونز يمكن النظر إليه من ناحية رد فعل تجاه " مشكلة المجتمع " التي حاول أن يضعها في سياق نظري عام رافضاً بذلك الرؤى الجزئية النابعة من البحوث الإمبريقية. يبدو أن الظروف التي كان يمر بها المجتمع الأمريكي فضلاً عن ظروف تكوين بارسونز الفكري قد دفعته إلى عدم اللجوء إلى الماركسية ليستمد منها عناصر فكرية لصياغة نظريته. وفي مقابل ذلك اتجه بارسونز إلى المثالية الألمانية، والوضعية الفرنسية، والنفعية محاولاً أن يخلق من امتزاجهم جميعاً موقفاً نظرياً جديداً. ولقد ظهر هذا الموقف النظري الجديد في كتاب بارسونز الأول " بناء الفعل الاجتماعي" والذي حاول فيه أن يوضح جوهر الاتفاق بين أفكار ماكس فيبر ومارشال وباريتو ودور كايم فيما أسماه بارسونز بالنظرية الطوعية في الفعل. ولقد وضع بارسونز في هذا الكتاب المبادئ الأساسية بالنظرية العامة للفعل التي كان يعتبرها قاسماً مشتركاً بين علوم عديدة كعلم الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع والأنثربولوجيا وجاءت كل أعمال بارسونز التالية كمحاولات لحل المشكلات النظرية التي أثارتها النظرية العامة في الفعل، ولإحكام الفروض التي طرحتها وإكسابها قدراً من الدقة والتنظيم. وكانت النتيجة عدداً من النماذج النظرية التحليلية التي تفسر أنساق المجتمع والعلاقات فيما بينهما، وطبيعة التباين في التغير في هذه الأنساق، والطابع العام للتطور. كانت النتيجة على ما يذهب البعض رؤية نظرية عامة على أعلى مستوى من التجريد حيث تكاد تخرج بنا خارج نطاق هذا العالم الذي نعيش فيه. ( زايد، أحمد ،علم الاجتماع، ص ص 97-102) فلسفته و أهدافه :  صياغة نظرية عامة عن المجتمع .  تستند نظريته باعتبار الإنسان فاعلا يصنع القرار .  المجتمعات تتصف بخصائص عامة فبالإمكان تطبيق نظريات تطبق على كل المجتمعات و تفسر نموها و تطورها . افتراضاته :  يعبر البناء الاجتماعي عن عدد من الوظائف الرئيسية الأساسية و تتكون هذه الوظائف من التكامل و المحافظة على النمط و إدراك الهدف و التوافق .  مستوى الاكتفاء الذاتي في مختلف البيئات هو الأساس الذي يقوم عليه المجتمع .  المحور الأساسي للمجتمع يميل لتحقيق التوازن أو المحافظة على الاتزان .  لا ينظر للنسق بأنه جامد بل يمتلك القدرة على التطور و تتكون العمليات الأساسية التي تهدف لتحقيق التطور من التباين [زيادة تقسيم العمل و تخصص الأبنية الوظيفية] والتوافق [ تزايد حرية الوحدات الاجتماعية واستقلالها عن محدودية الموارد ] واندماج الأبنية الجديدة في النسق المعياري و تعميم القيم [تطور أنساق القيم إلى أعلى مستويات العمومية من أجل المحافظة على التكامل أثناء التطور] .  الثقافة المسيحية هي الدافع الأول وراء عملية تطور المجتمع الحديث ، و أن تطور المجتمع يتحقق أثناء تقدمه في مراحل تاريخية ليصل إلى أمريكا الحديثة كما نراها اليوم. ( بحث من النت) منهجه :  المضاهاة بين المنهج النظري و أحكام الحقيقة الإمبيريقية التي أختيرت لإثبات صحة التفسير النظري و عندما تجمع هذه النقاط سويا يصبح في الإمكان النظر إلى منهج بارسونز باعتباره استدلالا لصيغ العلاقات الاجتماعية.  و يقوم هذا الاستدلال على التاريخ و المماثلة البيولوجية ، و تعززه المضاهاة بين الفكر النظري و الحقائق الإمبيريقية . و من هنا يصل لصياغة محكمة للنموذج البنائي الوظيفي في المجتمع استنادا على الاستدلال التاريخي والمنطقي الذي يقوم على قبول التعريف البيولوجي للحقيقة الاجتماعية. نمط نظريته :  تضمنت نظريته في التحديث وصفا لمراحل من التطور الاجتماعي ابتداء من عصور المسيحية الأولى مرورا بالثورة الصناعية و انتهاء بالوضع الحالي في أمريكا المعاصرة o بداية المسيحية :التخصص الوظيفي للبناء التنظيمي للكنيسة. o العصور الوسطى:مساهمة الكنيسة في المعرفة . o عصر النهضة و الإصلاح الكنسي :ظهور الثقافات العلمانية و النزعات الفردية و الإصلاح الديني البروتستانتي. o حركات الإصلاح المضادة :التي أكدت تعدد القيم و شرعية المجتمع العلماني. o الثورات الصناعية و الديموقراطية :التصنيع و المناداة بالديموقراطية . نشأة المجتمع الأمريكي الحديث :النزعات العلمانية القوية و التصنيع و الديموقراطية . أبرز مفاهيمه: • النظام المعياري العام Normative : يتمثل النظام العام المعياري في ارتباطه بمجموعة من المعايير، أو العناصر المعيارية سواء كانت غايات، أو أي معايير أخرى. • النظام الواقعي Factual : يتمثل في الحالة الواقعية التي يمكن أن تخضع للقانون العلمي في التحليل • الفعل الاجتماعي: هو كل أنواع السلوك البشري التي تحركها وتوجهها المعاني الموجودة في دنيا الفاعل، وهي معان يدركها الفاعل ويستدمجها في ذاته. والفاعل يمكن أن يكون فرداً أو جماعة أو تنظيماً أو حتى مجتمعاً. • الفاعل هو أي كيان – كبر حجمه أو صغر – يسلك في ضوء المعاني التي توجد في بيئته. وما دامت هذه المعاني لا يحتكرها فاعل بعينه بل يشترك فيها آخرون، فإن الفعل الاجتماعي الذي يأتيه فاعل معين لا يتم إلا داخل موقف وهناك مجموعة من العناصر داخل الموقف يتخلق من ترابطها جميعاً التفاعل بين الفاعلين الموجودين داخل الموقف. • الموقف • التكامل ( Integration ) : بمعنى أن النسق يعتمد على مجموعة من المعايير التي تربط الفرد بالمجتمع فينتج التكامل المعياري ( Normative ) في نسق المجتمع العام ككل. • نمط المحافظة ( Pattern Maintenance ) : ويعني به أن النسق بما يتضمنه من معايير وقيم لها عموميتها يؤدي إلى المحافظة على نمط التفاعل فلا يخرج أو ينحرف عن حدود النسق • التكيف ( Adaptation ) : ويعني ان كل نسق اجتماعي عليه أن يتكيف مع البيئة الاجتماعية والمادية التي يوجد فيها. • تحقيق الهدف ( Goal attainment ) : ويقصد به أساليب الأفراد الفاعلين من أجل تحقيق الهدف، بمعنى أن الأفراد أثناء إشباعهم لحاجاتهم يختلفون من حيث مكونات شخصية كل منهم • المشاركة المجتمعية ( Societal Community ) : ويعني بها تكامل المعايير ( Integrative Norms ) • نمط المحافظة : ويعني به تكامل القيم. • السياسة ( Polity ) : وتستخدم للحصول على الهدف أو تحقيقه. • الاقتصاد ( Economy ) : وتستخدم للتكيف أهم نظرياته : نظرية الفعل الاجتماعي : - ربما كان بارسونز أهم علماء الاجتماع الذين دخلوا في حوار صريح مع هوبز صاحب " مشكلة النظام العام" لأنه كان يدرك تماماً أن علم الاجتماع يجب أن يتخذ من هذه المشكلة نقطة انطلاق له. ولم ينظر بارسونز إلى مشكلة النظام على أنها مشكلة فلسفية ولكنها مشكلة إمبريقية لها فاعليتها في المجتمع المعاصر. - يرى بارسونز أن النسق النظري الذي قدمه هوبز هو حالة متطرفة من النظرية النفعية؛ ذلك لأن أساس الفعل الاجتماعي يكمن في العواطف، وإذا كان الأفراد يسلكون بطريقة رشيدة، فإنهم يسخرون عقولهم لخدمة الأهداف التي تمليها عليهم عواطفهم، والتي تكون في الكثير من الأحيان محاولة لتحقيق السيطرة على الآخرين. - وفي هذه الحالة فإن أنسب الوسائل دائماً ما تكون العنف والخداع وهو الذي يؤدي إلى تحويل المجتمع إلى حالة من الحرب، وهذا جوهر مشكلة النظام.. ولقد حل هوبز هذه المشكلة من خلال " العقد الاجتماعي " الذي يعتبر توسيعاً لمفهوم المرشد إلى درجة يدرك معها الفاعلون الموقف ككل بدلاً من تحقيق أهدافهم في ضوء مصالحهم الفردية ومن ثم يتخذون الفعل الضروري الذي يستبعد العنف والخداع. ورغم أن بارسونز لم يوافق على هذا الحل النفعي، إلا أن كلماته تكشف عن إعجاب بآراء هوبز النفعية " لقد رأى هوبز المشكلة بوضوح بصورة لم يسبقه فيها أحد، ولا تزال عباراته عن هذه المشكلة صادقة حتى اليوم. - فرق بارسونز بين نوعين من النظام العام إلى: • النظام المعياري العام Normative : يتمثل النظام العام المعياري في ارتباطه بمجموعة من المعايير، أو العناصر المعيارية سواء كانت غايات، أو أي معايير أخرى. • النظام الواقعي Factual : يتمثل في الحالة الواقعية التي يمكن أن تخضع للقانون العلمي في التحليل. وبالرغم من إمكانية إخفاق أي نظام معياري وترديه إلى حالة من الفوضى تحت ظروف معينة، فإنه تبقى حقيقة أساسية تتمثل في أن العناصر المعيارية ضرورية للمحافظة على أي نظام واقعي فالنظام الاجتماعي العام هو دائماً نظام واقعي ما دام قابلاً للتحليل العلمي، غير أنه لا يمكن أن يحافظ على استقراره دون توظيف فعال لبعض العناصر المعيارية. من هذا المنطلق اكتسبت المعايير أهمية مطلقة في حل بارسونز لمشكلة النظام، فأفعال الفرد ليست عشوائية أو محكومة بالعواطف ولكنها على العكس من ذلك تماماً، إذ نجدها تكشف عن قدر من النظام بحيث لا تتردى في حالة من الحرب، أو تختلف اختلافاً كبيراً بحيث لا يمكن التنبؤ بها، وتوجد هاتين الخاصتين فقط إذا ما شارك أعضاء المجتمع في مجموعة من القيم المطلقة التي تحدد أهدافهم ووسائلهم لتحقيق هذه الأهداف. وتضفي هذه القيم قدراً من النظام والمعنى على سلوك الفرد، ومن ثم تكبح الصراع والفوضى في المجتمع. - توصف نظرية الفعل عند بارسونز، بأنها نظرية طوعية، وهي كذلك لأنها تعبر عن عدائه للحتمية وتترك جانباً كبيراً لحرية الإرادة للفاعل في تحديد أهدافه ووسائله في ضوء المعايير التي تعتبر محركات غير منظورة وثابتة للسلوك. وإذا كانت القيم المطلقة منفصلة عن العنصر الطوعي، أو حرية الإرادة إلا أن كلاً منهما مرتبط بالآخر, ذلك لأن إدراك المعايير يعتمد على جهد الأفراد الفاعلين والظروف التي يسلكون فيها. وتعبر العلاقة الفعالة بين المعايير والأفراد عن الجانب الخلاق أو الطوعي في السلوك، فالمعايير لا تكبح الأفراد من الخارج بل يتقبلونها عن إرادة وحرية، فالأفراد يعتبرون المعايير شيئاً مرغوباً فيه، ومن ثم يدركون أهميتها ويوجهون سلوكهم في ضوئها. وهذا هو جوهر الخلاف بينه وبين دور كايم. فدور كايم لم يفرق بين قوة المعايير وبين قبولها الطوعي من جانب الأفراد، فالفاعل في نظر بارسونز يتوحد إرادياً مع هذه المعايير ويقبلها كجزء من تكوينه. ومن هذا المنطلق يعتبر الفعل الاجتماعي فعلاً ذات معنى ذاتي وطوعي في نفس الوقت. - يشير مفهوم الفعل الاجتماعي عن بارسونز إلى: كل أنواع السلوك البشري التي تحركها وتوجهها المعاني الموجودة في دنيا الفاعل، وهي معان يدركها الفاعل ويستدمجها في ذاته. والفاعل يمكن أن يكون فرداً أو جماعة أو تنظيماً أو حتى مجتمعاً. - الفاعل: هو أي كيان – كبر حجمه أو صغر – يسلك في ضوء المعاني التي توجد في بيئته. وما دامت هذه المعاني لا يحتكرها فاعل بعينه بل يشترك فيها آخرون، فإن الفعل الاجتماعي الذي يأتيه فاعل معين لا يتم إلا داخل موقف وهناك مجموعة من العناصر داخل الموقف يتخلق من ترابطها جميعاً التفاعل بين الفاعلين الموجودين داخل الموقف. - الموقف: 1. يضم الموقف الموضوعات الفيزيقية ( الطبيعية الجغرافية والظروف المناخية والأجهزة العضوية للفاعلين) 2. الموضوعات الاجتماعية ( الفاعلين الآخرين الموجودين في الموقف) 3. الموضوعات الرمزية ( اللغة والقيم والمعايير ) ( زايد، أحمد،علم الاجتماع،ص ص 100-103) بناء على ذلك فإن الفعل الاجتماعي لا يمكن أن يتم إلا إذا توافرت عدة عناصر هي :  فاعل  موقف  توجيه الفاعل نحو الموقف [جوهر الفعل ] يرتكز على توجيه الفاعل و يميز بين نوعين من هذا التوجيه : o التوجيهات الدافعة : التوجيه الذي يقوم على الدافع و هو يوفر الطاقة التي تصرف في الفعل و هي ثلاثة شعب:  إدراكية :متصلة بما يدركه الفاعل في الموقف و استعداداته و حاجاته  إرضائية-انفعالية:تتضمن عملية من خلالها يعلق الفاعل على موضوع معين أهمية عاطفية أو انفعالية  تقويمية :و التي بواسطتها يوزع الفاعل طاقته على اهتمامات مختلفة عليه أن يختار بينها . الأنساق الفرعية وظيفة النسق الاجتماعي التكامل الثقافي الحفاظ على المعايير الشخصي تحقيق الهدف العضوي التكيف أهداف الفعل الاجتماعي هي العمل على الحصول على ما يشبع حاجات الفرد الحيوية من مأكل و مشرب و مأوى نظرية النسق الاجتماعي عند بارسونز: أولاً: اعتبر تالكوت بارسونز أن النسق الاجتماعي العام يوجد بذاته، بمعنى أن المجتمع يملك واقعاً وحقيقة اجتماعية مستقلة كنسق اجتماعي، عن وجود الأفراد. ثانياً : يبرز البناء الاجتماعي و الأنساق الفرعية التي يتكون منها البناء(المنظمات Organizations)، عدداً من الوظائف الأولية الهامة وتتكون هذه الوظائف من : 1. التكامل ( Integration ) : بمعنى أن النسق يعتمد على مجموعة من المعايير التي تربط الفرد بالمجتمع فينتج التكامل المعياري ( Normative ) في نسق المجتمع العام ككل. كما ينصب التكامل داخل الأنساق الفرعية على العلاقات التي تتم داخل النسق الفرعي. ويصبح النسق متكاملاً إذا تحقق التوازن بين ثلاثة عناصر وهي: • الوسائل الثابتة ( المكانة والدور ) • الأهداف الشخصية للفاعل التي يريد تحقيقها من اشتراكه في هذا النسق ( مثل : المركز الاجتماعي، الأمن... الخ ) • الأهداف التي وجد من أجلها النسق أي الإنتاج . وحتى يكون الفاعل متكاملاً في البناء الاجتماعي، يعمل النسق على أن تتضمن عملية التنشئة الاجتماعية لأعضائه غرساً للأدوار في شخصية الفاعلين حتى تقترب من خصائص المكانات الموروثة، فيحدث استدماج الفاعلين للأدوار، ومن ثم ينجز الدور على أكمل وجه. 2. نمط المحافظة ( Pattern Maintenance ) : ويعني به أن النسق بما يتضمنه من معايير وقيم لها عموميتها يؤدي إلى المحافظة على نمط التفاعل فلا يخرج أو ينحرف عن حدود النسق. ولكن النسق الاجتماعي العام يتضمن إلى جانب هذه المعايير ذات العمومية، معايير خاصة بجماعات اجتماعية أو أنساق فرعية، مما قد يؤدي إلى وقوع الصراع بين هذه الجماعات أو الأنساق الفرعية أثناء تفاعلها داخل النسق العام، ونفس الشيء قد يحدث داخل بناء النسق الفرعي أي بين الوحدات المكونة له. ومن ثم فإن وظيفة نمط المحافظة سواء في المجتمع العام أو الأنساق الفرعية العمل على المحافظة على عملية التفاعل، فلا تخرج أو تنحرف عن حدود النسق, وذلك بواسطة ما يتضمنه المجتمع العام من معايير وتتم لها صفة العمومية ويمتثل لها كافة أعضاء المجتمع. ونفس الشيء بالنسبة للنسق الفرعي، فإنه وإن كان يتضمن وحدات متباينة ذات معايير متباينة، فإنه أيضاً يتضمن معايير يمتثل لها كافة أعضاء النسق الفرعي ( قوانين ولوائح المنظمة مثلاً ) وهذا ما يضمن إدارة وحفظ التوتر والصراع داخل حدود النسق ومن ثم يتوفر الاستقرار للنسق. وتتضح العلاقة بين الوظيفة الأولى ( التكامل ) والوظيفة الثانية (نمط المحافظة) من أن كل منهما يعتمد على فكرة المعايير ومدى تمثل أعضاء النسق لمعاييره، فكلما تمثل الأعضاء معايير النسق، كلما قل التوتر والصراع وزاد التكامل سواء في داخل النسق الفرعي أو بين الأنساق الفرعية في المجتمع العام. 3. التكيف ( Adaptation ) : ويعني ان كل نسق اجتماعي عليه أن يتكيف مع البيئة الاجتماعية والمادية التي يوجد فيها. فالنسق الاجتماعي العام القومي عليه أن يتكيف مع المجتمع الدولي، كما يعني التكيف أيضاً أن يتكيف كل نسق اجتماعي فرعي داخل البناء الكلي، أي المجتمع، أي أن أهم عمليات التكيف هذه هي التكامل مع الأنساق الفرعية الأخرى. بمعنى أن تصبح الوظيفة الأولية للبناء الفرعي هي التكيف مع البيئة المحيطة به، لكي يستطيع بل ويصبح من السهل عليه هذا الهدف فهو محاولة سيطرته على البيئة الخارجية ( بواسطة التكنولوجيا مثلا). وأيضاً تتعلق وظيفة التكيف بالعضو الفاعل للسلوك والدور الذي يشغله وتفاعله مع النسق الاقتصادي بمعنى محاولة العضو التكيف مع البيئة الخارجية. 4. تحقيق الهدف ( Goal attainment ) : ويقصد به أساليب الأفراد الفاعلين من أجل تحقيق الهدف، بمعنى أن الأفراد أثناء إشباعهم لحاجاتهم يختلفون من حيث مكونات شخصية كل منهم، فنمط الشخصية يختار بين البدائل المتاحة في النسق الثقافي الأسلوب المتفق مع نمط الشخصية للحصول على الهدف. وهذه البدائل عبارة عن خمس بدائل سماها المتغيرات النمطية: • العاطفية مقابل الحياد العاطفي: أي إن الفاعل إما أن يسعى لإشباع حاجته مباشرة وهذا هو النمط العاطفي أو أن الفاعل يجبره الموقف على التخلي عن إشباع حاجاته وهذا النمط يسمى نمط الحياد العاطفي. • المصلحة الذاتية في مقابل المصلحة الجمعية: قد تسمح المعايير الاجتماعية في موقف ما بسعي الفاعل وراء مصالحه الذاتية، وقد تمنع وتحرم في مواقف أخرى ذلك وتدفعه نحو تحقيق المصلحة الجمعية. • العمومية في مقابل الخصوصية: ويعني بالعمومية القيم التي على درجة كبيرة من العمومية، أي لا تقتصر على جماعة من الجماعات بل ويشترك فيها معظم أعضاء المجتمع، بينما يعني بالخصوصية تلك المواقف التي يكون الفاعل فيها مشتركاً معه أحد أعضاء جماعته أو جيرانه. فيبدو واضحاً في مثل هذا الموقف أن أنواعاً من القيم الخاصة بجماعة الجيران ستلعب دوراً رئيسياً في اختيارات الفاعل. • النوعية في مقابل الأداء: وكان بارسونز يسميها أولاً الوراثة في مقابل الاكتساب ويعني بها تلك المعالجة الأولية لشيء على أساس ماهيته في حد ذاته أي حقيقة مواصفات الشيء، أو أن يكون الفعل على أساس تحقيق أهداف معينة موضوعة فهذا هو الأداء. • التخصص في مقابل الانتشار: بمعنى أن العلاقة إما أن تكون محدودة نوعياً في مجالها وحيث لا يكون هناك إلزاماً على الفاعل أكثر من تلك الحدود، أو تكون العلاقة غير محددة ذات مجال واسع بحيث تتجاوز الالتزامات الحدود المرسومة والمتوقع من الفاعل إتيانها. ثالثاً : يتركب النسق الاجتماعي بدوره من أربعة أنساق فرعية: أ. المشاركة المجتمعية ( Societal Community ) : ويعني بها تكامل المعايير ( Integrative Norms ) ب. نمط المحافظة : ويعني به تكامل القيم. جـ . السياسة ( Polity ) : وتستخدم للحصول على الهدف أوتحقيقه. د.الاقتصاد ( Economy ) : وتستخدم للتكيف وبصفة عامة عندما تكون البؤرة الرئيسية للنسق الاجتماعي ( طبقاً لرأي بارسونز ) التكامل الداخلي والتكامل المعياري، بينما تصبح أسس المجتمع هي مستوى الإشباع والاكتفاء الذاتي بالنسبة لبيئاتها. هذه النظرة للمجتمع أقامها بارسونز على أساس الطبيعة الجوهرية للأنساق الحية على كل مستويات التنظيم والتطور والنمو، مع الادعاء بأن هناك استمرارية قوية أكثر من فئة الأنساق الحية. وهكذا يبدو الاتجاه البيولوجي في نظرة بارسونز للمجتمع. وأكثر من ذلك في خط متوازي مع هذه المناظرة بين النسق البيولوجي والنسق الاجتماعي، يعتبر بارسونز أن أساس المجتمع هو الميل نحو التوازن أو الانسجام، والعمليات الرئيسية في داخل هذا الميل هي تلك التي تربط وتعمل على تداخل الأربعة أنساق للفعل. وتعمل على تخللها المتبادل وتشابكها وتعمل على غرس الظواهر الثقافية والاجتماعية في الشخصية، وأخيراً تأسيس العناصر المعيارية كبناءات. بمعنى أن العناصر المعيارية من كثرة ممارسة مظاهرها الوظيفية لمدة طويلة، تتأسس - أي تتحول إلى نظام – وتصبح على درجة عالية من التنظيم ومن ثم تتطلب تطابقاً دقيقاً مع توقعات الوظيفة، ذلك لأنها تتضمن درجة عالية من التقنين، حتى لا تترك لأداء الوظيفة مجالاً للصدفة أو الاجتهادات الفردية. إذن يكون بين أيدينا أشخاصاً قد غُرست فيهم الظواهر الثقافية والاجتماعية أي " استدمجوا " الأدوار الاجتماعية، أي مؤهلون لأدائها على أكمل وجه، ومن ناحية أخرى أدواراً اجتماعية على درجة عالية من التنظيم والتقنين. عند ذلك يمكن اعتبار النسق الاجتماعي على درجة عالية من التكامل وموجه نحو التوازن ( Equilibrium- oriented ). وهذا النسق لا يمكن النظر إليه على انه ساكن (Static )، إذ انه يمتلك قدرة فائقة على التكيف للتطور النمو بطريقة تؤدي إلى مزيد من تحقيق الهدف ( حاجات جديدة ) للمجتمع ككل، وفي نفس الوقت بالتوازي زيادة في التكامل الداخلي للمجتمع. وتصبح العمليات الرئيسية للتغيرات تتكون من الفروق والاختلافات أي المزيد من الحرية للوحدات الاجتماعية من منابع القيود، وإدخال وتضمين بناءات جديدة في النسق المعياري، ومزيد من عمومية القيم أي نمو انساق القيم إلى عمومية أكثر من أجل المحافظة على التكامل أثناء عملية التطور. (محمد،محمد،تاريخ علم الاجتماع، ص ص 276-282 ) بارسونز في الميزان : 1. ترتكز نظرية بارسونز على فرض تعسفي ( ومن وجهة نظرنا خاطئ) مؤداه ان النظرية السسيولوجية مثل جانباً جزئياً من نظرية عامة في السلوك الإنساني. 2. لا يمكن ان تنفصل نظرية بارسونز في علم الاجتماع – برغم ما لاحظناه من شروح ملطفة – عن النظرية السيكولوجية. 3. بينما تواجه نظرية بارسونز في الثقافة هذه الاعتراضات، نجده شأنه في ذك شأن كثير من علماء الأنثربولوجيا يعتبر الثقافة أنساقاً منمطة من الرموز. 4. لم يقم بتطوير نظريته في الأنساق الاجتماعية إنما حاول تأكيد فائدتها التحليلية في مؤلفه البناء والعملية. المراجع • أحمد زايد، علم الاجتماع النظريات الكلاسيكية والنقدية،الطبعة الأولى، مصر- القاهرة :نهضة مصر،2006. • جراهام كينلوتش ، تمهيد في النظرية الاجتماعية-تطورها و نماذجها الكبرى ، ترجمة محمد سعيد فرح ، دار المعرفة الجامعية ،1990. • سمير نعيم أحمد، النظرية الاجتماعية ( دراسة نقدية )، الطبعة الخامسة، لا يوجد بلد نشر، دار المعارف، 1985. • عدلي علي أبو طاحون، النظريات الاجتماعية المعاصرة،الطبعة الأولى، المكتب الجامعي الحديث: الازاريطة، الاسكندرية. • محمد عاطف غيث، الموقف النظري في علم الاجتماع، لا يوجد طبعة، مصر- الإسكندرية : الإسكندرية، 1980. • معن خليل عمر، نظريات معاصرة في علم الاجتماع، الطبعة الأولى، عمان – الأردن: دار الشروق، 1997. • نيقولا تيماشيف ، نظرية علم الاجتماع طبيعتها وتطورها، ترجمة كل من: محمد عودة، محمد الجوهري، محمد علي محمد، السيد محمد الحسيني، مصر: الاسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1993.

قراءة في كتاب: "مدخل إلى نظرية التحليل الاستراتيجي"

قراءة في كتاب: "مدخل إلى نظرية التحليل الاستراتيجي" تأليف: م. كروزيي و إ.فرييد بيرك للكاتب : إدريس أيتلحو إنجاز : سفيان البطل يدور مقالنا هذا حول قراءة في كتاب مدخل إلى نظرية التحليل الاستراتيجي "م. كروزيي و إ.فرييدبيرك"، للكاتب المغربي دكتور إدريس أيتلحو، سلسلة دفاتر بيداغوجية لطلبة العلوم الاجتماعية سلكي الإجازة والماستر، صدر عن دار النشر فضاء آدم، الطبعة الأولى 2015. يتميز نمط التفكير في التحليل الاستراتيجي بكونه يتجاوز ما هو تجريبي، لذلك كان خيار لجأ إليه رواد التيار النظري من أجل إيجاد حلول واقتراحات للعديد من الإشكالات الاجتماعية، منهجه يقوم بتقديم سلسلة من الاقتراحات كحل بسيط للإشكالات المركبة كتلك التي تعبر عن ما يمكن أن نسميه تنظيمات. وبالتالي فهو يتجاوز كونه تحليلا يصلح لتحليل الأنساق والقرارات إلى دراسة الفعل المنظم للأفراد؛ بمعنى أنه وسيلة لفهم التغيير. من هنا اندرج موضوع الكتاب ضمن السياق السوسيولوجيا المعاصرة، وتحديدا فيما يتعلق بالنماذج النظرية التي تعتمدها في دراستها لمواضيعها والوسائل والأدوات النظرية والمنهجية التي تعتمدها، ومن هنا كان دور السوسيولوجيا هو فهم وتفسير وتحليل التناقضات الأساسية وإظهار تطوراتها إلى جانب إبراز حجم ودقة الأعمال. وبناء على ذلك أتى ميشيل كروزيي ليتطرق لهذه العلاقات الاجتماعية حيث يرى بأن سوسيولوجيا التنظيمات ملزمة ومحكومة بالتطور عبر أزمات متتالية. وتجدر الإشارة معه إلى أن أهمية التنظيمات تتمثل في كونها تمهد لإقامة معرفة عامة بالمجتمعات وتشخيص لأزماتها. وكانت نقطة البداية في دراسات ميشيل كروزيي هي: (ظاهرة البيروقراطية) ، والتي ينطلق منها في تحليله ليصل إلى النسق الاجتماعي ككل[1]. يقول المؤلف: «فإذا كان كارل ماركس يضع الديناميكية الاجتماعية في مستوى العلاقات الاجتماعية للإنتاج، فإن م. كروزيي يرى أنها توجد على مستوى التنظيم، والذي ينظر إليه على أساس أنه مبنى إنساني من شأنه أن يقوم بمجموعة من الوظائف الاجتماعية»[2]. لهذا نالت المقاربة الوظيفية استحسان ميشيل كروزيي في الإطار النظري حيث يمكن من طرح الأسئلة حول اشتغال التنظيمات طبيعة هذا الاشتغال والمقومات التي يستند عليها في الإنجاز. إذًا يمكن أن نعتبر على أن نظرية التحليل الاستراتيجي تندرج ضمن التقليد الليبرالي، ومنه تتجلى نظرة كروزيي الملحة على أهمية المواقف والأنساق الثقافية وعلى امتداد البيروقراطيات وخاصيتها الوظيفية من جهة، ثم يهتم بالخاصية النسقية من جهة ثانية حيث يعطي الأولوية للكلية عوض الأجزاء وللتفاعلات الديناميكية عوض السببيات ولخاصية التعقيد عوض خاصية التبسيط[3] من أجل الإلمام بالظاهرة الاجتماعية قصد فهمها وتفسيره حركتها الإجرائية في ظل مكون الاجتماع والجماعة، إذ أن الفعل الجماعي ليس ذا صورة طبيعية وإنما هو سلوك مبني اجتماعيا. الفصل الأول والمعنون بـ: مرجعية التحليل الاستراتيجي، ويضم إطارًا تاريخيًا، وإطارًا منهجيًا. فالإطار التاريخي: هو عرض للمسيرة الشخصية لحياة م. كروزيي، ومن بين أهم إنجازاته أنه ساهم كعالم وكسوسيولوجي في تجديد المقاربة السوسيولوحية للتنظيمات. له عدة مؤلفات من بينها "الظاهرة البيروقراطية" و"المجتمع في حصار"، ثم "لا يتغير المجتمع بمرسوم" ... إلخ، وبعد هذا العرض الموجز ينطلق المؤلف في رصد المناخ الأيديولوجي العام الذي ظهر فيه التحليل الاستراتيجي. يقول د. إدريس أيتلحو: «لابد من الإشارة في بداية الأمر إلى استحالة وجود قطيعة، زمنية كانت أو منهجية، بين مختلف التيارات النظرية والفكرية إلا أنه من المفيد التأكيد أيضا على أنها اشتغلت كلها منذ بدايات القرن العشرين، ونعلم جيدا ما ميز هذا القرن من نزاعات فكرية وأيديولوجية كثيرة عميقة»[4]. فالأزمات الاقتصادية والسياسية التي ظهرت إبان القرن 19 بأوروبا أثرت بشكل كبير في النظام الاجتماعي وهو ما أسفر عن فروقات عديدة كان منها تجلي الإحساس بالفردانية مما جعل من العملية تتطور إلى حدود فقدان القيم التقليدية. وبعد؛ ستأتي دراسات إميل دوركهايم اللاحقة في بحث حول سؤال: كيف يمكن الحفاظ، في ظل هذا الوضع، على توحد ووحدة المجتمع، لا بقوة سواد الاعتقادات والممارسات الدينية، لكن بإعطاء القيمة للوعي الجماعي؟[5]. إن الصراع المطبوع بفكرة سيرورات الإنتاج وتجاوز مفاهيم التوجه التايلوري (نسبة لنظرية التايلورية taylorisme) كان له الدور الذي أبان عن سوسيولوجية التنظيمات والتي بدورها اهتمت بدراسة أشكال الترتيبات والسلطة وسيرورات "التغيير". الإطار المنهجي: ويضم عرضا موجز" للبنيوية" باعتبارها تتميز بكونها تعطي السبق في التفسير "للبنية" على حساب الحدث أو الظاهرة، والبنية كبنية اجتماعية تمثل الجماعات على سبيل المثال أمة من الأمم أو قبيلة معينة ... تحتفظ بهويتها وخصائصها التي تساهم في استمراريتها كأمة أو قبيلة تتميز بطابعها القار والعام إن صح تعبيرنا رغم التغيرات التي تطرأ على تركيبها الاجتماعي سواء أتعلق الأمر بالمستوى الثقافي أو الاقتصادي أو حتى أبعد من ذلك لتجاوز هرمها الاجتماعي الأصلي، ومن هنا كانت البنية الاجتماعية بحسب ما قرر المؤلف: «هي مجموع العلاقات التي تربط واقعيا، في وقتٍ محددٍ ما، بين الأفراد، ودراستها لا تهتم بالخاص أو الفردي بل بالعام وبالكلي وبالواقع التي ينتجها ككل»[6]. الوظيفية: والتي تعتبر تيارا نظريا يمثل المجتمع كمجموعة عناصر تشتغل فيما بينها بقصد خلق توازن داخلي، وبالتالي فهو تمثل يصور لنا جماعة الأفراد المشكلة لوحدة كبنيةٍ متكاملة الأدوار اتجاه بعضها البعض، فإذا ما اختل دور فرد منها إلا وشَكل عائقا في التوازن الكلي لهذه الجماعة. وبالتالي فالوظيفية تجعل لمفهوم "الوظيفة" مركزا يفيد أنه لا يوجد أي شيء داخل المجتمع الإنساني دون أن تكون له وظيفة محددة، ولا دون أن يكون له التأثير على مختلف مظاهر البنية المجتمعية أو على اشتغالها. ولمفهوم "الوظيفة" أيضا علاقة تتصل بمفهوم "المؤسسات" ولأن سياقه الثقافي معقد. فتح هذا الأمر الأخير عليه أبوابا عديدة من الانتقادات نذكر منها ذاك المثال الذي يستحضره مؤلف الكتاب عندما رد أول استعمال نسقي للمفهوم إلى إميل دوركهايم على النحو التالي: «وظيفة المؤسسة الاجتماعية: هي تلك العلاقة بين هذه المؤسسة والحاجات الخاصة بالمجتمع كجهاز عضوي»[7]، فأتى الانتقاد مع راد كليف براون حينما اقترح تعويض مصطلح "حاجة" في تعريف إميل دوركهايم بمصطلح "الشروط الضرورية للوجود"[8]. وبالتالي «فإن وظيفة كل جزء حي من هذا الجهاز العضوي تكمن في المساهمة في الحياة الكلية له وفي الدور الذي يلعبه؛ وهكذا فإن كل عضو له نشاط ولذلك النشاط وظيفة كذلك»[9]. البنيوية الوظيفية: وهو منطلق عملي كما هو واضح للعيان يجمع بين البنيوية والوظيفية، وساهم في هذا الشق تالكوت بارسونز برفضه الفلسفة التجريبية، وهو رفض أتى بمعنى يفيد الملاحظة بدون نظرية، الأمر الذي أدى إلى التفكير في شروط وإمكانية وضع نسق نظري يمكن من خلاله تحليل الأنساق الاجتماعية في صورة مطابقة لأنساق فعلية من جهة. ومن جهة أخرى يمكن النسق النظري من التحليل عبر مرحلتين: الأولى تقتضي البحث عن فصل المتغيرات المستقرة نسبيًا داخل النسق الفعلي والتي تمكن من تحليل بنية النسق[10]، والثانية: هي مؤسسة على تحليل دينامي يسترعي انتباها خاصا للسيرورات وللمعاني وللقيم من وجهة نظر وظيفية، أي باعتبار الحفاظ على النسق[11]. الفصل الثاني وعنوانه: إكراهات الفعل الجماعي وينطلق هذا الفصل من تحديد هذه الإكراهات باعتبار أنماط الفعل الجماعي لم تنتج عن معطيات "طبيعية" بل لأنها حلول خاصة بفاعلين مستقلين نسبيًا، ومن ثمة ينطلق النظر في إكراهات الفعل الجماعي انطلاقا من التساؤل في مفهوم الآثار غير المتوقعة. ولعل الإكراه الحقيقي راجع إلى الأصل التركيبي للحقول التي تتطور في داخلها الأفعال كنمط من سلوكيات الفرد داخل الجماعة سواء أكانت هذه السلوكيات قرارات أم ممارسات أم وسيلة حققت ذاتها في حيز التطبيق أو التطبيع «إذ لا يمكن تصور فعل جماعي محدد بخصائص داخلية لإشكالات مطلوب حلها: لأنها في هذه الحالة ستضعنا –أي الأفعال- أمام خيار بدون حل»[12]. وبالتالي تصبح أهداف ودوافع الفاعلين لا تهم أكثر مما يهم فعلهم العقلاني في إطار محدثات مسوغة لجهوزية الفعل قبل قرار الفعل ولهذا كانت اعتباطية الأمر الذي يروم إلى إكراه آخر بعينه حيث يفهم المدى الذي بلغه فعل العدمي لعدم وجودية الشفافية الاجتماعية لأنه في الأصل لا وجود لحقل محايد غير منبني بل هناك معطيات يتم الصرف من خلالها وإزاء ما تقتضيه سلطة وجودها. من هنا يجب أن نفهم أهمية دعوة ميشيل كروزيي بالرجوع إلى كيفية اشتغال هذا الانبناء إذا أردنا أن يساهم تحليل التنظيمات بصفة قطعية في تكوين نمط جديد للتفكير في شؤون الناس[13]. هذه الأنماط هي بمثابة حلول مبنية لإشكالات الفعل الجماعي؛ والتي تتعلق بإشكال التعاون لكون كل مقاولة جماعية تتأسس على ما يكفي من الاندماج بين سلوكات الأفراد أو الجماعات[14] في إطار تنظيمي للمبنيات يضمن التعاون اللازم بين الفاعلين دون أن تحرمهم هذه المبنيات من حريتهم. ثم تتعلق بإشكال اللايقين لكون مبنيات الفعل الجماعي التي تنشأ من أجل معالجة تلك الإشكالات تبنى دائما على لا يقينيات "موضوعية" تنتج عن خصائص تقنية أو اقتصادية ... إلخ[15]. وأيضا تتعلق بإشكال السلطة حيث لا فعل جماعي بدون سلطة، فكل بنية إلا وتفرض وتنتج سلطة، بمعنى أنها تنتج علاقات غير متكافئة وعلاقات تبعية وميكانيزمات المراقبة الإجتماعية[16]. وأخير إنها تتعلق بإشكال التغيير وهنا يخلص م. كروزيي إلى فكرة مركزية في التحليل الاستراتيجي مفادها «أن تحول أنماط الفعل الجماعي من أجل تمكين الأفراد من المزيد من المبادرة والاستقلالية لا يعني إضعاف التنظيم، بل تقويته في اتجاه انبناء واعٍ لحقول الفعل الجماعي»[17]. الفصل الثالث وهو بعنوان: قراءة نقدية للتحليل الاستراتيجي، وتتمركز هذه القراءة النقدية على ثلاثة محاور، المحور الأول عبارة عن قراءات وخلاصات انتهى إليها الباحث وهي تفيد بتوضيح أهمية التيار الذي يمثله ميشيل كروزيي، فهو تيار يَعتبِر أفضل وسيلة لدراسة المجتمعات تكون من خلال تنظيماتها الإدارية والصناعية من حيث اشتغالها واختلالها كمكونين أساسيين لفهم التنظيم القائم بالمجتمع والأساس الذي يستند عليه في إدارته ويسود به على وعي الأفراد كبنيات اجتماعية وعلى ثقافة المجتمع المعني بهذه الدراسة لترسيخ فكرة فتصبح بذلك تجسيد لهذه الثقافة على اعتبار أن ذلك سيكون شكل من أشكال التملك. لهذا السبب تأتي أهمية دراسة التنظيمات في إمكانية الانتقال عن طريق الاستقراء والتعميم من تحليل أزمات ومعرفة عموميات المقاولات إلى دراسة "الظاهرة البيروقراطية"، فالتشخيص يكون على مستوى المقاولة، ثم يعمم على مستوى النسق الاجتماعي. وعليه فإن دراسة الظاهرة البيروقراطية تتطلب أسئلة ترتبط بالاشتغال الداخلي، بالاختلالات، بالعلاقات بين الفئات، بمواقف الوكلاء الاجتماعيين، بموازين السلطة وبالتعاون داخل المؤسسات[18]، كل هذا من شأنه أن يشير بالاتهام إلى نمط هذه العلاقات الوظيفية في تمحورها الإجرائي. كما قد درس ميشيل كروزيي نماذج للتنظيمات فلاحظ أن هناك[19]: 1 – اتساع رقعة القوانين المبنية للمجهول. 2 – مركزية القرارات وتهدف إلى الاستقرار على مستوى المراكز أكثر مما تهدف إلى تحقيق أهداف التنظيم. 3 – عزل مختلف الفئات وضغط الجماعة على الفرد. 4 – تطور علاقات السلطة الموازية، وذلك بسبب مصادر "اللايقين" مهما اتسعت رقعة القواعد المبنية للمجهول، فتلك المصادر تنتج علاقات جديدة للسلطة الرئيسية مما ينتج ظواهر التبعية والنزاعات. من هنا ننتقل إلى المحور الثاني وهو يتعلق بموقع التحليل الاستراتيجي في السوسيولوجيا المعاصرة، والسبب في هذه العودة هو لضرورة فهم مجتمعنا التي تستدعي معها رجوعا إلى النظريات والتيارات السوسيولوجية المتباينة حسب المدارس والتوجهات الفكرية. ويبقى دائما الهدف لدى السوسيولوجيين واحدًا وهو استيعاب وفهم كيف يبنى المجتمع بفضل فاعليه؟ أولا: لدينا نموذج ريمون بودون وأسباب الفعل؛ وهو يرى أن مهمة السوسيولوجي هي توضيح "الأسباب الحقيقية" التي تجعل الفاعل يفعل فعله[20]. وهنا يستعمل ريمون مفهوم الأثر غير المتوقع أو الأثر الناشئ والذي يقصد به كل ما ينتج عن جمع تلك الأفعال الفردية من نتائج غير إرادية وغالبا تكون غير منطقية. ثانيا: نموذج آلان تورين والفعل التاريخي؛ ويستهل الباحث الحديث هنا عن سؤال آلان تورين: كيف يفعل المجتمع إزاء نفسه؟ وهو يرى أن آلان تورين اشتغل على مفهوم النزاع وعلاقته بالفعل، ليخلص إلى أن الفاعل الفردي يتمتع بقدرته على بناء نفسه. الأمر الذي قاده في سنة 2005 إلى القول بفكرة نهاية المجتمع، حيث تبنى فكرة مفادها أن النزاع الجديد والحقيقي يكمن بين "الذات" وقوى "لا ذاتية" كالعنف والحرب والسوق[21]. ثالثا: نموذج بيير بورديو الأبيتوس والرأسمال الرمزي؛ ويرى بيير بورديو أن العلاقات الاجتماعية تنقسم إلى حقول، أي إلى فضاءات اجتماعية أساسها نشاط معين، ويتنافس فيها الفاعلون لاحتلال مواقع السيطرة. وبالتالي أصبح العالم بالنسبة إلى هذا العالم السوسيولوجي ذو طبيعة نزاعية، لكنه يؤكد على أن النزاعات المكونة للعالم الاجتماعي تخص مختلف الحقول وليس مجرد صراع طبقات معينة وثابتة فقط. وهكذا يذهب بيير بورديو إلى أن الرأسمال طاقة اجتماعية يمتلكها الفرد ويعتمد عليها في التميز والمنافسة. بعد هذا العرض لموقع التحليل الاستراتيجي في السوسيولوجيا المعاصرة، يقدم مؤلف الكتاب لنا محور ثالث خاص بمجموعة من المفاهيم من قبيل مفهوم "الدمج" ويقصد به كيف نفسر كون الأفراد يشكلون أجزاء من مجموعات اجتماعية، بمعنى أن الفرد يتم دمجه ضمن حياة المجموع[22]. ثم هناك مفهوم "النزاع" الذي يمكن من فهم العلاقات الاجتماعية من زاوية المجابهة بين الفضاء الفردي والفضاء المجموعاتي[23]. هذا ويطرح المؤلف مجموعة من المفاهيم من قبيل مفهومي "النسق" و"الفعل" منتهيا بطرح مجموعة من التساؤلات على سبيل المثال: § لماذا يتموقع ر. بودون بين النسق والدمج؟ § لماذا يتموقع ب. بورديو بين النسق والنزاع؟ § لماذا يتموقع م. كروزيي بين الفعل والدمج؟ § لماذا يتموقع ا. تورين بين النزاع والفعل؟ في الختام يستحضر الكاتب محور أخير بعنوان تموقع التحليل الاستراتيجي يشرح فيه اختلاف وجهة نظر م. كروزيي لمفهوم الاستراتيجية ومركزيته عن كل من بورديو وفيبر وكارل ماركس في عرض موجز جدًا، وعلى هذا تنتهي أهمية قراءة هذا الكتاب الصغير الذي أحتوى على العديد من الأفكار وناقش التحليل الاستراتيجي في مستوى متطور يعرض الفكرة في اختصار يغني عن شتات الكلمات وتعدد اللفظ الذي بدون معنى، ولكن هذا لا يمنع من طلب توضيحات أكثر وإفاضة في الأفكار نظرًا لجودة الموضوع وراهنيته وأيضًا للحاجة التي تستدعي هكذا دراسات بهذا المستوى التعليمي الجاد. وهنا نختتم الورقة بإحالة للمؤلف أفادها في كتابه مفادها أن : «التنظيمات ليست وحدات مجردة ولا معطيات طبيعية، بل هي مبنيات اجتماعية، والفعل الجماعي ليس فعلا أو ظاهرة طبيعية، والأفراد هم الذين يشغلون التنظيم بمساهماتهم وهم المسؤولون كفاعلين استراتيجيين عن كل تغيير اجتماعي»[24]. على هذا تم متن المؤلف عسى أن تحظى هذه القراءة باهتمام الباحثين من أجل توسيع مدارك الفرد فيما يتعلق ليس بهدف دراسة شخصية تاريخية ما ولكن من أجل إغناء الروح وتوسيع المدارك ومناهج المعرفة على حقائق مطروحة في المجتمع؛ وفي تطلعات هذا المجتمع وكيف يتم تنظيمها بقدر من فقدان للذات نحو التمركز أو تهميش لأهمية الوعي بدعوة وثوقية هوجاء لدعوة ما. [1] . أيتلحو، إدريس، مدخل إلى نظرية التحليل الاستراتيجي "م. كروزيي و إ.فرييد بيرك"، الطبعة الأولى 2015، دار النشر فضاء آدم، انظر الصفحة 18. [2] . الصفحة 18. [3] . الصفحة 19. [4] . الصفحة 25. [5] . الصفحة 26. [6] . الصفحة 32. [7] . الصفحة 35. [8] . الصفحة 36. [9] [10] . الصفحة 37. [11] . الصفحة 38. [12] . الصفحة 45. [13] . الصفحة 47. [14] . الصفحة 48. [15] . الصفحة 52. [16] . الصفحة 56. [17] . الصفحة 59. [18] . الصفحة 63. [19] . الصفحة 66 – 67. [20] . الصفحة 76. [21] . الصفحة 80. [22] . الصفحة 84. [23] . الصفحة 84. [24] . الصفحة 90.

مدرسة العلاقات الانسانية كموضوع للبحث

 بحث مدرسة العلاقات الإنسانية

مُساهمة من طرف f
خطة
البحث






مقدمة


المبحث الأول : ماهية المدرسة


المطلب الأول : نشأة المدرسة


المطلب الثاني : مفهوم المدرسة


المطلب الثالث :أهداف ومبادئ
المدرسة



المطلب الرابع : رواد المدرسة


المطلب الخامس : علاقاتها
بالمدارس الأخرى



المبحث الثاني : السلوك التنظيمي
للمدرسة



المطلب الأول : النظريات الإدارية
والسلوك التنظيمي للمدرسة



المطلب الثاني : نظرية الدافعية
وسلوك الأفراد داخل المنظمة



المطلب الثالث : نظرية الدافعية وسلوك
الجماعة داخل المنظمة



المطلب الرابع : افتراضات
المدرسة



المطلب الخامس : إسهامات
وانتقادات المدرسة



الخاتمة 











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 





مقدمة :


لم يكتف مؤرخو الفكر الاقتصادي بالمعطيات فقط بل حاولوا
جاهدين لتقديم التفسير الذي كان قائم حول أهمية العنصر البشري ودراسة سلوكه داخل
المنظمات من اجل تجاوز الأخطاء فتجلت دراستنا في الدراسات التي قدمها - ألتون
مايو- لأنه يعد رائدها وان أبحاثه تعد الخطى الأولى نحو تطوير الفكر ألتسييري
لاهتمام بالإنسان فحاول الكلاسيكي في نظرته للتسيير الذي أصبح يهم المستخدمين في
وقتنا الحالي وأصبح العالم فيه كقرية صغيرة وفي بحثنا هذا سنتطرق إلى بعض المفاهيم
التي جاءت بها مدرسة العلاقات الإنسانية , والى أي مدى وصلت هذه الحركة في إبراز
دور السلوك الإنساني في المنظمة ؟ 



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 





































































المبحث الأول : ماهية المدرسة


المطلب الأول : نشأة المدرسة


قبل ظهور هذه المدرسة بدا علماء النفس المهتمين بالصناعة يولون اهتماما
لآثار الفكر الكلاسيكي , ففي عام 1913 صدر كتاب علم النفس والكفاءة الصناعية لعالم
النفس الصناعي – هوجو مستر برج – حيث اهتم بعملية اختيار العمال عن طريق
الاختبارات النفسية التي تساعد على اختيار العامل المناسب بالمكان المناسب ، كما اهتم أستاذ البحث
الصناعي في كلية – هارفارد – الأمريكية بمشكلة الكفاءة فلفتت دراساته الأنظار إلى
دور العلاقات الإنسانية و أهميتها في السلوك التنظيمي ، وذلك في نهاية العقد
الثاني وبداية العقد الثالث من هذا القرن .





المطلب الثاني : مفهوم المدرسة 


هم مجموعة من علماء الإدارة ، يرون بان الإدارة العلمية والسلمية هي إدارة
تهتم بخلق علاقات إنسانية جيدة وحالة رضا عالية بين العاملين ، والسبب في ذلك هو أن
الرضا يؤدي إلى زيادة الإنتاجية ، وهم يعرفون الإدارة بكونها الأعمال التي يقوم
بها من هو مدير ويتركز اهتمامهم على المشرف والإدارة الدنيا .





*تعريف مدرسة العلاقات الإنسانية : يطلق لفظ العلاقات الإنسانية
على ذلكالتدخل الموجود بين الأفراد ، ولقد عرف العديد من المفكرين هذا
اللفظ ، ومن أهم هذه التعاريف :


1- تعريف سكوت (scott) : إن العلاقاتالإنسانية
تشير إلى عمليات تحفيز الأفراد في موقف معين بشكل فعال ، يؤدي إلى الوصول إلى
التوازن في الأهداف يعطي المزيد من الإرضاء الإنساني ، أي أن العلاقات الإنسانية
تؤدي إلى ارتفاع الافتتاحية وزيادة الفاعلية التنظيمية .


2- تعريف سالتون ستال (sultonstall) : فهو يعرف العلاقات الإنسانية
على إنها دراسة أفراد العمل أثناء العمل – ليس منفصلين – ودائما كأعضاء في مجموعات
عمل غير رسمية ، وهي تنقسم بالتعقيد ، ومهمة الإدارة تنسيق جهود هؤلاء الأفراد .





المطلب الثالث : أهداف ومبادئ المدرسة


• أهدافها الرئيسية :



العمل على تنمية روح التعاون بين الأفراد و
المجموعات في محيط العمل .



تحفيز الأفراد و المجموعات على الإنتاج .



تمكن الأفراد من إشباع حاجياتهم الاقتصادية و الاجتماعية
بالاعتماد على التنظيم .


• مبادئها :



السلوك الإنساني هو احد العناصر الرئيسيةالمحددة
للكفاءة الإنتاجية .



القيادة الإدارية هي من الأمور الأساسية المؤثرة
في سلوك الأفراد فكلما كان أكثر راض كان أكثر إنتاجية .



الاتصالات و تبادل المعلومات والتفاعل الاجتماعي
المفتوح بين العمال و الإدارة مهم جدا .



الإدارة الديمقراطية هي الأسلوب الأفضل لتحقيق
الأهداف الإنتاجية ، باشتراك العاملين : الإدارة وتحمل مسؤولية العمل .



التنظيم علاقة تنشأ بين مجموعات من الأفراد ويربط
أيضا بالعلاقات الاجتماعية . 


*تقييم : لقد ركزت هذه المدرسة على إشباع الرغبات الإنسانية للأفراد وذلك كوسيلة
لتحسين الإنتاجية ، فاعتبروا أن التنظيم هو الذي يوفر اكبر قدر من الإشباع لها ،
وهو اعل التنظيمات كفاءة ، وان الإشباع لا يقتصر على الحاجات الاقتصادية بل هناك
حاجات غير اقتصادية نذكر بعض الوسائل المؤدية لذلك مثل :


* تشجيع
تكوين الجماعات الاجتماعية في العمل .


* توفير
القيادة الديمقراطية .


* دعوة
المدرسة لربط التنظيم بالحاجات الاجتماعية للأفراد .





المطلب الرابع : رواد المدرسة


· روبرت أوين (1771-1858):


كان روبرت أوين مدبرا ناجحا في عدة
مصانع للنسيج باسكتلندا في أوائل القرن 19 ، وفي ذلك الوقت كانت ظروف العمل
والمعيشة للعاملين متعبة للغاية وساعات العمل في حدود 13 ساعة يوميا مع استخدام
الصبية دون 10 للعمل في المصنع كان أوين يرى أن وظيفة المدير هي إعادة تشكيل هذه
الظروف حيث بدا في :


( تحسين ظروف العمل – بناء مساكن أفضل للعاملين – ومتجر لبيع السلع بأثمان
رخيصة – كما خفض ساعات العمل إلى 10 ساعات يوميا – رفض تشغيل الصبية دون 10 ) 


ومن ذلك يتضح أن روبرت أوين كان يتهم بالجانب الإنساني للأفراد العاملين
بينما زملائه المديرين كانوا يستثمرون أموالهم في إجراء التحسينات التكنولوجية ،
وقد ركز أوين على أفضل استثمار للمدير هو في العاملين أنفسهم ، كما أطلق عليه «
الالات الحية » على أساس أن توفير ظروف مناسبة للأفراد والاهتمام بهم سوف يؤدي
بالضرورة إلى زيادة الإنتاج والأرباح ، وقد حاول أوين توضيح فكرته من خلال مقارنة الآلات
بالأفراد ، حيث ذكر أن المحافظة على الآلات وصيانتها يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها والاحتفاظ
بها كحالة عمل لمدة أطول ، فإذا كان هذا القول صحيحا بالنسبة للآلات الصماء فانه
لا يكون أمرا صعبا بالنسبة للآلات الحية أو الآلات الآدمية ، وقد طبق أوين هذه الأفكار
داخل مصانعه وكان فيه هذا تحقيق أكثر من 50% عائدا على الأموال التي كان ينفقها .









•التون مايو (1880 –
1949) :



هو مؤسس علم الاجتماع الصناعي ومؤسس حركة العلاقات الإنسانية باستراليا له دبلوم
في علوم النفس كما درس الطب والمنطق والفلسفة وكان أستاذ مشارك في البحوث الصناعية
، وصل إلى رتبة بروفسور في البحوث الصناعية بأقسام الصناعات العليا .


إذ قامبدراسة بأحد مصانع الغزل في – فلد يلفيا – والمشكلة هي
ارتفاع معدل دوران العمل في قسم الغزل وانخفاضه في الأقسام الأخرى ، في البداية
قدمت حوافز مالية من طرف المدير ، باعتبار أن الفرد حيوان اقتصادي لكن هذا الأخير
لم يستجيب لهذه الحوافز ، المشكلة كانت انخفاض الروح المعنوية للعمال نتيجة التوتر
والمتاعب النفسية التي يعيشون فيها .


بدأت التجربة بمناقشة المشكلة مع كل عمال القسم بإعطاء ثلث العمال فترات
راحة ، نتيجة كانت ايجابية جدا حتى بالنسبة لثلث الذي لم يعطوهم فترات راحة .


التفسير : شعرالأفراد داخل
المصنع بأنهم أسهموا في هذا البرنامج بالاظافة غالى وجود ثقة كبيرة من العمال في
مديرهم لكونه كان قائدا لعدد منهم أثناء ح ع 1 ، استمر هذا الوضع لمدة 4 أشهر ونصف
وبعد فترة زاد الطلب فجأة على منتجات الغزل الأمر الذي دعا المشرف إلى اتخاذ قرار بإلغاء
كل فترات الراحة مما أدى إلى تدهور الإنتاج .


وهنا تدخل المدير الذي يثق فيه العمال بإعادة الحال السابق حيث يحصل كل
عامل على 4 فترات راحة مدتها 10 د ، واتضحت النتيجة على أن المدير كان على صواب
فارتفع معدل الإنتاج إلى 85% وبعدها قام المدير بإشراك العمال في تحديد مواعيد
فترات الراحة التي يرغبونها ، مما أعطاهم
الانطباع النفسي بأنهم جزء لا يتجزأ من الشركة ، الأمر الذي انعكس على معنوياتهم
وإنتاجيتهم .





•هوجو مستر برج
(1863 – 1916) :



يعتبر إسهامه الرئيسي هو تطبيق الأدوات السيكولوجية للمساعدة في زيادة الإنتاجية
، فيمكن زيادتها من خلال 3 وسائل :



الوصول لأفضل فرد ممكن يمتلك قدرات ذهنية لأداء العمل
.



توليد أفضل عمل وإيجاد ظروف سيكولوجية مثلى
لزيادتها .



الوصول لأفضل تأثير باستخدام الأساليب
السيكولوجية ( الاختبارات المساعدة في اختيار الفرد المؤهل – أبحاث التعليم لتحسين
أساليب التدريب – وسائل سيكولوجية في دفع الفرد وتحفيزه ) .








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





المطلب الخامس : علاقاتها بالمدارس الأخرى


العلاقات الإنسانية والإدارة العلمية :


يقترن اسم فردريك تايلور بالإدارة العلمية وألتن مايو
بمدرسة العلاقات الإنسانية في الدراسات الإدارية حيث يعتبر كليهما أهم دعاة أفكار
لكل مدرسة ينتسب إليها ، رغم إنهما كانا في طريقين مختلفين ، إلا أن هدفهما واحد
وهو الحصول على أقصى كفاية إنتاجية للمؤسسة .



إن الافتراض الأساسي في المدرسة العلمية هي أن العامل
رجل اقتصادي تحكم سلوكه الحوافز المادية ويهدف إلى الحصول على اكبر منفعة اقتصادية
لذاته ، فان النتيجة الحتمية هي زيادة الإنتاجية وانتفاع المؤسسة من هذا الأمر،
واتت مدرسة العلاقات الإنسانية لتمحو هذا الافتراض من أساسه ، فالفرد ليس رجل
اقتصادي تحكمه الحوافز المادية ، وإنما هو شخص ذو أحاسيس يحب الانتماء والارتباط
مع الآخرين في شكل مجموعات متجانسة .






العلاقات
الإنسانية والإدارة التنظيمية الوظيفية :



كان لدعاة العلاقات الإنسانية نظرتهم إلى مبادئ نظرية الإدارة
الوظيفية أيضا ، فقد اهتموا بمبدأ تقسيم العمل وتصميم الهيكل التنظيمي ، وكذلك مبدأ
وحدة الأمر ولكن من نواحي أخرى ترتكز على الآثار النفسية والاجتماعية لهذه المبادئ
على العاملين في المؤسسة .



فمن ناحية مبدأ تقسيم العمل الذي يعد حجر الزاوية في
نظرية الإدارة التنظيمية اهتم دعاة العلاقات الإنسانية بالعمال وتأثير التقسيم
المتطرف للعمل على نفسية العامل من أحاسيس بتفاهة العمل وتفاهة إسهامهم للعمل في
المجموعة .



أما من ناحية الهيكل التنظيمي فقد اهتموا بالعوامل الإنسانية
التي تتداخل بعد التصميم وأثناء العمل ، حيث أن العلاقات الفعلية والنهائية تتغير
وتتطور بالرغم من التصميم الأولي .



واهتم دعاة المدرسة بالصراع والمشاكل التي تنشأ بين
المنفذين والاستشاريين وكيف تؤثر في سير العمل وإمكانية حل هذه المشكلة . 
























ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 






المبحث الثاني : السلوك التنظيمي
للمدرسة :



المطلب الأول : النظريات الإدارية والسلوك
التنظيمي 



التجربة الأولى : تناولت
اختبار كثافة الإضاءة المتوفرة في محيط العمل وعلاقتها بالكفاءة الإنتاجية للعمال
، حيث اختار مجموعتين من العمال :-



الأولى : تمثلت في
المجموعة التجريبية .



والثانية
:
 فتمثلت في المجموعة الضابطة .


وتم توزيع كل مجموعة في أماكن مختلفة مع إدخال بعض
التحسينات في الإضاءة على المجموعة التجريبية ولم يفعل ذلك مع المجموعة الضابطة ،
وكانت النتيجة هي ارتفاع الإنتاج لدى المجموعتين ، فاستنتج الباحثون أن هناك أسباب
أخرى تدفع إلى زيادة الإنتاج غير عوامل تحسين الإضاءة ( وهي أثر جدولة العمل على
كفاءة الإنتاج للعامل 
فعمد
الباحثون
 إلى إجراء التجربة الثانية
.



التجربة
الثانية
 :
 اثر جدولة العمل على كفاءة العمال ، حيث جاءت هذه
التجربة انطلاقا من أن الكفاءة الإنتاجية لا يحددها عامل واحد بل عدة عوامل
متداخلة ، دامت هذه التجربة 5 سنوات ، قسمة لثلاث مراحل :




التمهيد والإعداد للتجربة .



دراسة اثر فترات الراحة على إنتاجية
العامل .




دراسة اثر تقصير يوم العمل .


تمت التجربة في قاعة تجميع أجهزة التلفون ، وشملت تسخير
الظروف المادية للعمل مثل Sad فترات الراحة - ساعات العمل – وكذلك الحوافز المادية
) . 



تم اختيار 6 عاملات بينهن صداقة وانسجام و وضعن في حجرة
، و روقبن دون علمهن بغية معرفة التأثير الذي ينعكس على مستويات الإنتاج مع تغير
فترات الراحة وساعات العمل ودرجة الحرارة في الغرفة وأشركهن أيضا في اتخاذ القرار.



وقد كشفة النتائج أن هناك ارتباطا وثيقا في جو الصداقة و
الانسجام الذي يؤدي إلى رفع الحالة المعنوية للعاملات والذي انعكس معدل إنتاجهن بسبب الشعور بالمسؤولية المشتركة (وصل
معدل الكفاءة الإنتاجية إلى 80% وعدل دورات العمل إلى 50% ) .



التجربة الثالثة : ركزت
على معرفة مدى تأثير دفع الأجور في ارتفاع مستوى الإنتاج ، حيث منحت جميع العاملات
أجور ثابتة بالإضافة إلى عمولات مرتبطة بزيادة إنتاج كل واحدة منهن ، ثم تم اختيار
بعض الفتيات للعمل سويا في حجرة واحدة مستقلة عن باقي العاملات . فزادت إنتاجية
العاملات المختارات بالامتياز عن بقية أقرانهن ، فانعكس ذلك على مستوى إنتاجهن









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 









المطلب الثاني : نظريات الدافعية
وسلوك الأفراد داخل المنظمة



قام العالم ماسلو أبراهام بتقديم نظرية عن الحاجات
الإنسانية وترتيبها في مدرج هرمي ، تعتمد نظريته التي لاقت قبولا عاما في تقسيم
الحاجات ، يقول أن : حاجات الفرد مرتبة ترتيبا تصاعديا على شكل سلم بحسب أولويتها
للفرد وحاجاته غير المشبعة ، هي التي تؤثر على سلوكه أمام المشبعة ، فلا ينتهي
دورها في عملية التحفيز فصنفها إلى :



1- الحاجات البدنية ( الجسمية
)
 :
وهي من الحاجات الأساسية التي لا يستطيع الفرد العيش بدونها وهي
المسيطرة ، وان كانت الحاجات الأخرى مشبعة وتتمثل في الحاجة إلى الطعام والشرب و
الهواء والتنفس ...



2- حاجات الأمن والسلامة : وتأتي
في المرتبة الثانية من الحاجات الإنسانية ، فعندما تتحقق الحاجات الجسمية يحتاج
الإنسان إلى الحماية من الأمراض والبرد والحرارة ومن الكوارث الاقتصادية.



3- الحاجات الاجتماعية :
وتشمل رغبات الفرد التي تدعو إلى تكوين علاقات مع الغير وتكوين الأصدقاء والى الحب
والارتباط مع الآخرين في صورة عائلة أو ناد اجتماعي . مجموع هذه الحاجات هو بداية
الرغبات النفسية وبالتالي بداية البعد عن الحاجات النفسية.



4- حاجات التقدير والاحترام :
وتعرف بحاجات الأنانية والغرور ، وهي و هي مثل الحاجات الاجتماعية تكون من ناحية
ارتباط الإنسان بالغير ، وهنا الارتباط لا يهدف إلى إقامة علاقات طيبة و ودية مع
الغير وإنما الشعور بالأهمية بالنسبة للغير ومدى حاجة الآخرين إليه وتشجيع هذه
الحاجات بالمراكز الاجتماعية ، السلطة ، القوة ، القدرة في السيطرة على الغير
والتفوق بالنسبة للآخرين .



5- حاجات إرضاء الذات : أعلى
مستويات الحاجات والرغبات تأتي في قمة الهرم ، وتعبر عن رغبة الإنسان في أن يكون
ما يريده لذاته ، يهتم بموقفه أو موقعه بالنسبة لغيره ، فيحاول التوصل إلى موقع
يكون فيه أفضل من غيره كما في نظرية الأنانية إرضاؤها يتطلب ( معرفته - مهارته -
قدرته - و وضع اساس لها ) *إرضاؤها يؤدي للحاجة لها* .





6- نظرية الأنانية الغرور : وإرضاء
هذه الرغبة يتطلب معرفة الإنسان مهاراته وقدراته ويضع أسس لها ، ويلاحظ ماسلو أن إرضاء
هذه الحاجات يؤدي إلى الحاجة إليها أكثر فأكثر . 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المطلب
الثالث : نظريات الدافعية وسلوك الجماعات داخل المؤسسات




نظرية قانون الموقف (ميري باركر فوليت 1868- 1933 ) : 
تستمد
هذه النظرية قوتها من حدة الخلافات التي تنشب بين الأفراد بحيث أن العلاقات
الشخصية تلعب دورا أساسيا في حل الخلافات الاجتماعية .



في رأي ميري أن التعامل مع الجمهور يخلق مشاكل معقدة في
داخل المنظمات ، ففي معظم النزاعات تكون الخلافات بين قوي وضعيف أو متنافسان
يمتلكان قوى متقاربة أو طرفين متخاصمين يبديان رغبتهما وتعاونهما الايجابي لحل
المشكل وفقا لما يقتضيه قانون الموقف ومصلحة الجميع ،ففي الحالة الأولى ليمكن أن
تسوى أية مشكلة بموضوعية لان المدير الإداري يملك السلطة والنفوذ باستطاعته من الناحية
القانونية أن يفرض رأيه على المرؤوسين ، وفي هذه الحالة السائدة لأي تنظيم
بيروقراطي تتحطم معنويات العامل المرؤوس وتنعدم أواصل التعاون بين المسئول ومساعده
. أما الحالة الثانية المتمثلة في طرفين ذوي قوى متوازنة فلا يوجد تسلط أو نفوذ
مفروض فإذا كان المدير الإداري يملك القوة القانونية فان مدير المصلحة يملك قوة
التخصص والمهارة الفنية التي يتوقف عليها كل شيء ،لهذا تحل الخلافات عن طريق المساواة
والتنازلات المتبادلة مادام كل طرف يملك قوة موازية لخصمه. أما الحالة الثالثة
فتحل الخلافات بالتعاون المتبادل بين الأفراد بغض النضر عن السلم التصاعدي للسلطة أو
للشخص فالشيء المهم هو انتصار الموضوعية .



وما تهدف إليه ميري بصفة خاصة هو أن المشاكل لا تحل عن
طريق القوانين والهياكل الرسمية واستعمال وسائل الإكراه فقط ، إذ لابد من وجود
الإدارة الصادقة وإيصال المعلومات بطريقة موضوعية حتى يتسنى للأفراد أن يتفهموا
الأوضاع التي قد يكون مصدرها التعقيدات الإنسانية .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المطلب
الرابع : افتراضات المدرسة



· كلما كان الإنسان أكثر رضا كان
أكثر إنتاجية .



· دوافع العمل ليست فقط الدوافع
المادية ، فالإنسان يحب العمل أكثر من الأجر والرواتب ، بل يعمل لإشباع حاجاته مثل
Sadالتعليم – التقدم – الانتماء إلى جماعات ) .



· كلما كانت الجماعة أكثر تماسكا
كان انصياع العضو لمتطلباتها اكثر احتمالا.



· على الإدارة الاهتمام بالحاجات
الذاتية للأفراد لا بوضع الدراسات والقواعد والتعليمات . 









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 








المطلب
الخامس : إسهامات وانتقادات المدرسة



1- إسهامات
المدرسة :



يرى مايو بان المصنع والمكتب والمتجر
ليسو فقط مكان للعمل ، بل يجب أن يكون أيضا بيئة اجتماعية يتفاعل العاملون فيها مع
بعضهم فهي تؤثر للغاية في تحديد كمية وجودة المنتج .



· سذاجة الافتراض بأن الرضا
دائما يعود إلى الإنتاجية العالية ، فأخذت نتائج تختلف ، بحيث تعرف الآن بأنه ليس
كل إنسان راض هو إنسان منتج ، والعكس بالعكس .



· وركزت على الأسلوب الإداري وإنتاجية
العاملين ، فأهم قضية للمنظمة المعاصرة ليست الإنتاجية وإنما البقاء و التكيف
والنمو ، لذا عليها الاهتمام بسلوك كل العاملين فيها وليس فقط الإداريين . 






2- انتقادات
المدرسة :



· إن المدرسة لم تقدم نظرية
كاملة و لا شاملة لتفسير ظاهرة التنظيم والسلوك التنظيمي ، لكن ركزت على العنصر
البشري ، فترى بأنه مهما كانوا متحدين فان رغباتهم تختلف وأنه من المستبعد تماما أن
تنصهر جميعا وتصبح أسرة واحدة سعيدة كم يتخيلون .



· هناك تناقض واضح بين العمال
والإدارة .



· يرى أن الفرد يسعى إلى إشباع
رغباته و لا يوهمه إنشاء جماعات . 






الخاتمة :


في الأخير لقد اندفع الكثير من المفكرين والباحثين من
خلال الجمع بين المبادئ الرسمية التقليدية والمبادئ والأفكار التي جاءت بها مدرسة العلاقات
الإنسانية لوضع نظرية متكاملة للتنظيم .



كما ساعد الاتجاه السلوكي في التنظيم على نشوء النظرية
الحديثة لاحقا مثل نظرية النظم وغيرها من الأساليب والأفكار مثل الإدارة بالأهداف
و الإدارة بالنتائج . 


























· 


· 




· 


· 




· 


· 




· 


· 
faysal19
faysal19
مستكشف
مستكشف

ذكر عدد الرسائل : 5
تاريخ الميلاد : 11/10/1984
العمر : 34
جامعة : قاصدي مرباح ورقلة
تخصص : إدارة أعمال
تاريخ التسجيل : 02/02/2010

معاينة صفحة البيانات الشخصي للعضو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بحث مدرسة العلاقات الإنسانية Empty شكرا اخي

مُساهمة من طرف BABOUSMISTE في الخميس يونيو 24, 2010 12:52 am
faysal19 كتب:خطة
البحث






مقدمة


المبحث الأول : ماهية المدرسة


المطلب الأول : نشأة المدرسة


المطلب الثاني : مفهوم المدرسة


المطلب الثالث :أهداف ومبادئ
المدرسة



المطلب الرابع : رواد المدرسة


المطلب الخامس : علاقاتها
بالمدارس الأخرى



المبحث الثاني : السلوك التنظيمي
للمدرسة



المطلب الأول : النظريات الإدارية
والسلوك التنظيمي للمدرسة



المطلب الثاني : نظرية الدافعية
وسلوك الأفراد داخل المنظمة



المطلب الثالث : نظرية الدافعية وسلوك
الجماعة داخل المنظمة



المطلب الرابع : افتراضات
المدرسة



المطلب الخامس : إسهامات
وانتقادات المدرسة



الخاتمة 











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 





مقدمة :


لم يكتف مؤرخو الفكر الاقتصادي بالمعطيات فقط بل حاولوا
جاهدين لتقديم التفسير الذي كان قائم حول أهمية العنصر البشري ودراسة سلوكه داخل
المنظمات من اجل تجاوز الأخطاء فتجلت دراستنا في الدراسات التي قدمها - ألتون
مايو- لأنه يعد رائدها وان أبحاثه تعد الخطى الأولى نحو تطوير الفكر ألتسييري
لاهتمام بالإنسان فحاول الكلاسيكي في نظرته للتسيير الذي أصبح يهم المستخدمين في
وقتنا الحالي وأصبح العالم فيه كقرية صغيرة وفي بحثنا هذا سنتطرق إلى بعض المفاهيم
التي جاءت بها مدرسة العلاقات الإنسانية , والى أي مدى وصلت هذه الحركة في إبراز
دور السلوك الإنساني في المنظمة ؟ 



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 





































































المبحث الأول : ماهية المدرسة


المطلب الأول : نشأة المدرسة


قبل ظهور هذه المدرسة بدا علماء النفس المهتمين بالصناعة يولون اهتماما
لآثار الفكر الكلاسيكي , ففي عام 1913 صدر كتاب علم النفس والكفاءة الصناعية لعالم
النفس الصناعي – هوجو مستر برج – حيث اهتم بعملية اختيار العمال عن طريق
الاختبارات النفسية التي تساعد على اختيار العامل المناسب بالمكان المناسب ، كما اهتم أستاذ البحث
الصناعي في كلية – هارفارد – الأمريكية بمشكلة الكفاءة فلفتت دراساته الأنظار إلى
دور العلاقات الإنسانية و أهميتها في السلوك التنظيمي ، وذلك في نهاية العقد
الثاني وبداية العقد الثالث من هذا القرن .





المطلب الثاني : مفهوم المدرسة 


هم مجموعة من علماء الإدارة ، يرون بان الإدارة العلمية والسلمية هي إدارة
تهتم بخلق علاقات إنسانية جيدة وحالة رضا عالية بين العاملين ، والسبب في ذلك هو أن
الرضا يؤدي إلى زيادة الإنتاجية ، وهم يعرفون الإدارة بكونها الأعمال التي يقوم
بها من هو مدير ويتركز اهتمامهم على المشرف والإدارة الدنيا .





*تعريف مدرسة العلاقات الإنسانية : يطلق لفظ العلاقات الإنسانية
على ذلكالتدخل الموجود بين الأفراد ، ولقد عرف العديد من المفكرين هذا
اللفظ ، ومن أهم هذه التعاريف :


1- تعريف سكوت (scott) :إن العلاقاتالإنسانية
تشير إلى عمليات تحفيز الأفراد في موقف معين بشكل فعال ، يؤدي إلى الوصول إلى
التوازن في الأهداف يعطي المزيد من الإرضاء الإنساني ، أي أن العلاقات الإنسانية
تؤدي إلى ارتفاع الافتتاحية وزيادة الفاعلية التنظيمية .


2- تعريف سالتون ستال (sultonstall) :فهو يعرف العلاقات الإنسانية
على إنها دراسة أفراد العمل أثناء العمل – ليس منفصلين – ودائما كأعضاء في مجموعات
عمل غير رسمية ، وهي تنقسم بالتعقيد ، ومهمة الإدارة تنسيق جهود هؤلاء الأفراد .





المطلب الثالث : أهداف ومبادئ المدرسة


• أهدافها الرئيسية :



العمل على تنمية روح التعاون بين الأفراد و
المجموعات في محيط العمل .



تحفيز الأفراد و المجموعات على الإنتاج .



تمكن الأفراد من إشباع حاجياتهم الاقتصادية و الاجتماعية
بالاعتماد على التنظيم .


• مبادئها :



السلوك الإنساني هو احد العناصر الرئيسيةالمحددة
للكفاءة الإنتاجية .



القيادة الإدارية هي من الأمور الأساسية المؤثرة
في سلوك الأفراد فكلما كان أكثر راض كان أكثر إنتاجية .



الاتصالات و تبادل المعلومات والتفاعل الاجتماعي
المفتوح بين العمال و الإدارة مهم جدا .



الإدارة الديمقراطية هي الأسلوب الأفضل لتحقيق
الأهداف الإنتاجية ، باشتراك العاملين : الإدارة وتحمل مسؤولية العمل .



التنظيم علاقة تنشأ بين مجموعات من الأفراد ويربط
أيضا بالعلاقات الاجتماعية . 


*تقييم : لقد ركزت هذه المدرسة على إشباع الرغبات الإنسانية للأفراد وذلك كوسيلة
لتحسين الإنتاجية ، فاعتبروا أن التنظيم هو الذي يوفر اكبر قدر من الإشباع لها ،
وهو اعل التنظيمات كفاءة ، وان الإشباع لا يقتصر على الحاجات الاقتصادية بل هناك
حاجات غير اقتصادية نذكر بعض الوسائل المؤدية لذلك مثل :


* تشجيع
تكوين الجماعات الاجتماعية في العمل .


* توفير
القيادة الديمقراطية .


* دعوة
المدرسة لربط التنظيم بالحاجات الاجتماعية للأفراد .





المطلب الرابع : رواد المدرسة


· روبرت أوين (1771-1858):


كان روبرت أوين مدبرا ناجحا في عدة
مصانع للنسيج باسكتلندا في أوائل القرن 19 ، وفي ذلك الوقت كانت ظروف العمل
والمعيشة للعاملين متعبة للغاية وساعات العمل في حدود 13 ساعة يوميا مع استخدام
الصبية دون 10 للعمل في المصنع كان أوين يرى أن وظيفة المدير هي إعادة تشكيل هذه
الظروف حيث بدا في :


( تحسين ظروف العمل – بناء مساكن أفضل للعاملين – ومتجر لبيع السلع بأثمان
رخيصة – كما خفض ساعات العمل إلى 10 ساعات يوميا – رفض تشغيل الصبية دون 10 ) 


ومن ذلك يتضح أن روبرت أوين كان يتهم بالجانب الإنساني للأفراد العاملين
بينما زملائه المديرين كانوا يستثمرون أموالهم في إجراء التحسينات التكنولوجية ،
وقد ركز أوين على أفضل استثمار للمدير هو في العاملين أنفسهم ، كما أطلق عليه «
الالات الحية » على أساس أن توفير ظروف مناسبة للأفراد والاهتمام بهم سوف يؤدي
بالضرورة إلى زيادة الإنتاج والأرباح ، وقد حاول أوين توضيح فكرته من خلال مقارنة الآلات
بالأفراد ، حيث ذكر أن المحافظة على الآلات وصيانتها يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها والاحتفاظ
بها كحالة عمل لمدة أطول ، فإذا كان هذا القول صحيحا بالنسبة للآلات الصماء فانه
لا يكون أمرا صعبا بالنسبة للآلات الحية أو الآلات الآدمية ، وقد طبق أوين هذه الأفكار
داخل مصانعه وكان فيه هذا تحقيق أكثر من 50% عائدا على الأموال التي كان ينفقها .








•التون مايو (1880 –
1949) :



هو مؤسس علم الاجتماع الصناعي ومؤسس حركة العلاقات الإنسانية باستراليا له دبلوم
في علوم النفس كما درس الطب والمنطق والفلسفة وكان أستاذ مشارك في البحوث الصناعية
، وصل إلى رتبة بروفسور في البحوث الصناعية بأقسام الصناعات العليا .


إذ قامبدراسة بأحد مصانع الغزل في – فلد يلفيا – والمشكلة هي
ارتفاع معدل دوران العمل في قسم الغزل وانخفاضه في الأقسام الأخرى ، في البداية
قدمت حوافز مالية من طرف المدير ، باعتبار أن الفرد حيوان اقتصادي لكن هذا الأخير
لم يستجيب لهذه الحوافز ، المشكلة كانت انخفاض الروح المعنوية للعمال نتيجة التوتر
والمتاعب النفسية التي يعيشون فيها .


بدأت التجربة بمناقشة المشكلة مع كل عمال القسم بإعطاء ثلث العمال فترات
راحة ، نتيجة كانت ايجابية جدا حتى بالنسبة لثلث الذي لم يعطوهم فترات راحة .


التفسير : شعرالأفراد داخل
المصنع بأنهم أسهموا في هذا البرنامج بالاظافة غالى وجود ثقة كبيرة من العمال في
مديرهم لكونه كان قائدا لعدد منهم أثناء ح ع 1 ، استمر هذا الوضع لمدة 4 أشهر ونصف
وبعد فترة زاد الطلب فجأة على منتجات الغزل الأمر الذي دعا المشرف إلى اتخاذ قرار بإلغاء
كل فترات الراحة مما أدى إلى تدهور الإنتاج .


وهنا تدخل المدير الذي يثق فيه العمال بإعادة الحال السابق حيث يحصل كل
عامل على 4 فترات راحة مدتها 10 د ، واتضحت النتيجة على أن المدير كان على صواب
فارتفع معدل الإنتاج إلى 85% وبعدها قام المدير بإشراك العمال في تحديد مواعيد
فترات الراحة التي يرغبونها ، مما أعطاهم
الانطباع النفسي بأنهم جزء لا يتجزأ من الشركة ، الأمر الذي انعكس على معنوياتهم
وإنتاجيتهم .





•هوجو مستر برج
(1863 – 1916) :



يعتبر إسهامه الرئيسي هو تطبيق الأدوات السيكولوجية للمساعدة في زيادة الإنتاجية
، فيمكن زيادتها من خلال 3 وسائل :



الوصول لأفضل فرد ممكن يمتلك قدرات ذهنية لأداء العمل
.



توليد أفضل عمل وإيجاد ظروف سيكولوجية مثلى
لزيادتها .



الوصول لأفضل تأثير باستخدام الأساليب
السيكولوجية ( الاختبارات المساعدة في اختيار الفرد المؤهل – أبحاث التعليم لتحسين
أساليب التدريب – وسائل سيكولوجية في دفع الفرد وتحفيزه ) .








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





المطلب الخامس : علاقاتها بالمدارس الأخرى


العلاقات الإنسانية والإدارة العلمية :


يقترن اسم فردريك تايلور بالإدارة العلمية وألتن مايو
بمدرسة العلاقات الإنسانية في الدراسات الإدارية حيث يعتبر كليهما أهم دعاة أفكار
لكل مدرسة ينتسب إليها ، رغم إنهما كانا في طريقين مختلفين ، إلا أن هدفهما واحد
وهو الحصول على أقصى كفاية إنتاجية للمؤسسة .



إن الافتراض الأساسي في المدرسة العلمية هي أن العامل
رجل اقتصادي تحكم سلوكه الحوافز المادية ويهدف إلى الحصول على اكبر منفعة اقتصادية
لذاته ، فان النتيجة الحتمية هي زيادة الإنتاجية وانتفاع المؤسسة من هذا الأمر،
واتت مدرسة العلاقات الإنسانية لتمحو هذا الافتراض من أساسه ، فالفرد ليس رجل
اقتصادي تحكمه الحوافز المادية ، وإنما هو شخص ذو أحاسيس يحب الانتماء والارتباط
مع الآخرين في شكل مجموعات متجانسة .






العلاقات
الإنسانية والإدارة التنظيمية الوظيفية :



كان لدعاة العلاقات الإنسانية نظرتهم إلى مبادئ نظرية الإدارة
الوظيفية أيضا ، فقد اهتموا بمبدأ تقسيم العمل وتصميم الهيكل التنظيمي ، وكذلك مبدأ
وحدة الأمر ولكن من نواحي أخرى ترتكز على الآثار النفسية والاجتماعية لهذه المبادئ
على العاملين في المؤسسة .



فمن ناحية مبدأ تقسيم العمل الذي يعد حجر الزاوية في
نظرية الإدارة التنظيمية اهتم دعاة العلاقات الإنسانية بالعمال وتأثير التقسيم
المتطرف للعمل على نفسية العامل من أحاسيس بتفاهة العمل وتفاهة إسهامهم للعمل في
المجموعة .



أما من ناحية الهيكل التنظيمي فقد اهتموا بالعوامل الإنسانية
التي تتداخل بعد التصميم وأثناء العمل ، حيث أن العلاقات الفعلية والنهائية تتغير
وتتطور بالرغم من التصميم الأولي .



واهتم دعاة المدرسة بالصراع والمشاكل التي تنشأ بين
المنفذين والاستشاريين وكيف تؤثر في سير العمل وإمكانية حل هذه المشكلة . 
























ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 






المبحث الثاني : السلوك التنظيمي
للمدرسة :



المطلب الأول : النظريات الإدارية والسلوك
التنظيمي 



التجربة الأولى : تناولت
اختبار كثافة الإضاءة المتوفرة في محيط العمل وعلاقتها بالكفاءة الإنتاجية للعمال
، حيث اختار مجموعتين من العمال :-



الأولى : تمثلت في
المجموعة التجريبية .



والثانية
:
 فتمثلت في المجموعة الضابطة .


وتم توزيع كل مجموعة في أماكن مختلفة مع إدخال بعض
التحسينات في الإضاءة على المجموعة التجريبية ولم يفعل ذلك مع المجموعة الضابطة ،
وكانت النتيجة هي ارتفاع الإنتاج لدى المجموعتين ، فاستنتج الباحثون أن هناك أسباب
أخرى تدفع إلى زيادة الإنتاج غير عوامل تحسين الإضاءة ( وهي أثر جدولة العمل على
كفاءة الإنتاج للعامل 
فعمد
الباحثون
إلى إجراء التجربة الثانية
.



التجربة
الثانية
 :
 اثر جدولة العمل على كفاءة العمال ، حيث جاءت هذه
التجربة انطلاقا من أن الكفاءة الإنتاجية لا يحددها عامل واحد بل عدة عوامل
متداخلة ، دامت هذه التجربة 5 سنوات ، قسمة لثلاث مراحل :




التمهيد والإعداد للتجربة .



دراسة اثر فترات الراحة على إنتاجية
العامل .




دراسة اثر تقصير يوم العمل .


تمت التجربة في قاعة تجميع أجهزة التلفون ، وشملت تسخير
الظروف المادية للعمل مثل Sad فترات الراحة - ساعات العمل – وكذلك الحوافز المادية
) . 



تم اختيار 6 عاملات بينهن صداقة وانسجام و وضعن في حجرة
، و روقبن دون علمهن بغية معرفة التأثير الذي ينعكس على مستويات الإنتاج مع تغير
فترات الراحة وساعات العمل ودرجة الحرارة في الغرفة وأشركهن أيضا في اتخاذ القرار.



وقد كشفة النتائج أن هناك ارتباطا وثيقا في جو الصداقة و
الانسجام الذي يؤدي إلى رفع الحالة المعنوية للعاملات والذي انعكس معدل إنتاجهن بسبب الشعور بالمسؤولية المشتركة (وصل
معدل الكفاءة الإنتاجية إلى 80% وعدل دورات العمل إلى 50% ) .



التجربة الثالثة : ركزت
على معرفة مدى تأثير دفع الأجور في ارتفاع مستوى الإنتاج ، حيث منحت جميع العاملات
أجور ثابتة بالإضافة إلى عمولات مرتبطة بزيادة إنتاج كل واحدة منهن ، ثم تم اختيار
بعض الفتيات للعمل سويا في حجرة واحدة مستقلة عن باقي العاملات . فزادت إنتاجية
العاملات المختارات بالامتياز عن بقية أقرانهن ، فانعكس ذلك على مستوى إنتاجهن









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 









المطلب الثاني : نظريات الدافعية
وسلوك الأفراد داخل المنظمة



قام العالم ماسلو أبراهام بتقديم نظرية عن الحاجات
الإنسانية وترتيبها في مدرج هرمي ، تعتمد نظريته التي لاقت قبولا عاما في تقسيم
الحاجات ، يقول أن : حاجات الفرد مرتبة ترتيبا تصاعديا على شكل سلم بحسب أولويتها
للفرد وحاجاته غير المشبعة ، هي التي تؤثر على سلوكه أمام المشبعة ، فلا ينتهي
دورها في عملية التحفيز فصنفها إلى :



1- الحاجات البدنية ( الجسمية
)
:
وهي من الحاجات الأساسية التي لا يستطيع الفرد العيش بدونها وهي
المسيطرة ، وان كانت الحاجات الأخرى مشبعة وتتمثل في الحاجة إلى الطعام والشرب و
الهواء والتنفس ...



2- حاجات الأمن والسلامة : وتأتي
في المرتبة الثانية من الحاجات الإنسانية ، فعندما تتحقق الحاجات الجسمية يحتاج
الإنسان إلى الحماية من الأمراض والبرد والحرارة ومن الكوارث الاقتصادية.



3- الحاجات الاجتماعية :
وتشمل رغبات الفرد التي تدعو إلى تكوين علاقات مع الغير وتكوين الأصدقاء والى الحب
والارتباط مع الآخرين في صورة عائلة أو ناد اجتماعي . مجموع هذه الحاجات هو بداية
الرغبات النفسية وبالتالي بداية البعد عن الحاجات النفسية.



4- حاجات التقدير والاحترام :
وتعرف بحاجات الأنانية والغرور ، وهي و هي مثل الحاجات الاجتماعية تكون من ناحية
ارتباط الإنسان بالغير ، وهنا الارتباط لا يهدف إلى إقامة علاقات طيبة و ودية مع
الغير وإنما الشعور بالأهمية بالنسبة للغير ومدى حاجة الآخرين إليه وتشجيع هذه
الحاجات بالمراكز الاجتماعية ، السلطة ، القوة ، القدرة في السيطرة على الغير
والتفوق بالنسبة للآخرين .



5- حاجات إرضاء الذات : أعلى
مستويات الحاجات والرغبات تأتي في قمة الهرم ، وتعبر عن رغبة الإنسان في أن يكون
ما يريده لذاته ، يهتم بموقفه أو موقعه بالنسبة لغيره ، فيحاول التوصل إلى موقع
يكون فيه أفضل من غيره كما في نظرية الأنانية إرضاؤها يتطلب ( معرفته - مهارته -
قدرته - و وضع اساس لها ) *إرضاؤها يؤدي للحاجة لها* .





6- نظرية الأنانية الغرور : وإرضاء
هذه الرغبة يتطلب معرفة الإنسان مهاراته وقدراته ويضع أسس لها ، ويلاحظ ماسلو أن إرضاء
هذه الحاجات يؤدي إلى الحاجة إليها أكثر فأكثر . 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المطلب
الثالث : نظريات الدافعية وسلوك الجماعات داخل المؤسسات




نظرية قانون الموقف (ميري باركر فوليت 1868- 1933 ) : 
تستمد
هذه النظرية قوتها من حدة الخلافات التي تنشب بين الأفراد بحيث أن العلاقات
الشخصية تلعب دورا أساسيا في حل الخلافات الاجتماعية .



في رأي ميري أن التعامل مع الجمهور يخلق مشاكل معقدة في
داخل المنظمات ، ففي معظم النزاعات تكون الخلافات بين قوي وضعيف أو متنافسان
يمتلكان قوى متقاربة أو طرفين متخاصمين يبديان رغبتهما وتعاونهما الايجابي لحل
المشكل وفقا لما يقتضيه قانون الموقف ومصلحة الجميع ،ففي الحالة الأولى ليمكن أن
تسوى أية مشكلة بموضوعية لان المدير الإداري يملك السلطة والنفوذ باستطاعته من الناحية
القانونية أن يفرض رأيه على المرؤوسين ، وفي هذه الحالة السائدة لأي تنظيم
بيروقراطي تتحطم معنويات العامل المرؤوس وتنعدم أواصل التعاون بين المسئول ومساعده
. أما الحالة الثانية المتمثلة في طرفين ذوي قوى متوازنة فلا يوجد تسلط أو نفوذ
مفروض فإذا كان المدير الإداري يملك القوة القانونية فان مدير المصلحة يملك قوة
التخصص والمهارة الفنية التي يتوقف عليها كل شيء ،لهذا تحل الخلافات عن طريق المساواة
والتنازلات المتبادلة مادام كل طرف يملك قوة موازية لخصمه. أما الحالة الثالثة
فتحل الخلافات بالتعاون المتبادل بين الأفراد بغض النضر عن السلم التصاعدي للسلطة أو
للشخص فالشيء المهم هو انتصار الموضوعية .



وما تهدف إليه ميري بصفة خاصة هو أن المشاكل لا تحل عن
طريق القوانين والهياكل الرسمية واستعمال وسائل الإكراه فقط ، إذ لابد من وجود
الإدارة الصادقة وإيصال المعلومات بطريقة موضوعية حتى يتسنى للأفراد أن يتفهموا
الأوضاع التي قد يكون مصدرها التعقيدات الإنسانية .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المطلب
الرابع : افتراضات المدرسة



· كلما كان الإنسان أكثر رضا كان
أكثر إنتاجية .



· دوافع العمل ليست فقط الدوافع
المادية ، فالإنسان يحب العمل أكثر من الأجر والرواتب ، بل يعمل لإشباع حاجاته مثل
Sadالتعليم – التقدم – الانتماء إلى جماعات ) .



· كلما كانت الجماعة أكثر تماسكا
كان انصياع العضو لمتطلباتها اكثر احتمالا.



· على الإدارة الاهتمام بالحاجات
الذاتية للأفراد لا بوضع الدراسات والقواعد والتعليمات . 









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 








المطلب
الخامس : إسهامات وانتقادات المدرسة



1- إسهامات
المدرسة :



يرى مايو بان المصنع والمكتب والمتجر
ليسو فقط مكان للعمل ، بل يجب أن يكون أيضا بيئة اجتماعية يتفاعل العاملون فيها مع
بعضهم فهي تؤثر للغاية في تحديد كمية وجودة المنتج .



· سذاجة الافتراض بأن الرضا
دائما يعود إلى الإنتاجية العالية ، فأخذت نتائج تختلف ، بحيث تعرف الآن بأنه ليس
كل إنسان راض هو إنسان منتج ، والعكس بالعكس .



· وركزت على الأسلوب الإداري وإنتاجية
العاملين ، فأهم قضية للمنظمة المعاصرة ليست الإنتاجية وإنما البقاء و التكيف
والنمو ، لذا عليها الاهتمام بسلوك كل العاملين فيها وليس فقط الإداريين . 






2- انتقادات
المدرسة :



· إن المدرسة لم تقدم نظرية
كاملة و لا شاملة لتفسير ظاهرة التنظيم والسلوك التنظيمي ، لكن ركزت على العنصر
البشري ، فترى بأنه مهما كانوا متحدين فان رغباتهم تختلف وأنه من المستبعد تماما أن
تنصهر جميعا وتصبح أسرة واحدة سعيدة كم يتخيلون .



· هناك تناقض واضح بين العمال
والإدارة .



· يرى أن الفرد يسعى إلى إشباع
رغباته و لا يوهمه إنشاء جماعات . 






الخاتمة :


في الأخير لقد اندفع الكثير من المفكرين والباحثين من
خلال الجمع بين المبادئ الرسمية التقليدية والمبادئ والأفكار التي جاءت بها مدرسة العلاقات
الإنسانية لوضع نظرية متكاملة للتنظيم .



كما ساعد الاتجاه السلوكي في التنظيم على نشوء النظرية
الحديثة لاحقا مثل نظرية النظم وغيرها من الأساليب والأفكار مثل الإدارة بالأهداف
و الإدارة بالنتائج . 
عربي باي